منها ، يعني : إذا وقع في حال يكون المكلّف صائماً.
ولا ريب أنّ الفعل الحاصل بعد فساد الصوم لا يصدق أنّه مفسد للصوم ، وأصالة عدم تداخل الأسباب إنّما يحسن التمسّك بها لو سلّمت السببية ، وإنّما المسلّم من السبب ما وقع في حال الصوم ، لأبعد فساده.
وأمّا الجواب بأن الأسباب الشرعية من قبيل المعرّفات ، ولا بُعد في اجتماعها على سبب واحد كما في تداخل الأغسال ؛ فهو ضعيف ؛ لمنافاته لفهم العرف في الامتثال وإن أمكن اجتماعها عقلاً ، والمسلّم في مثل تداخل الأغسال إنّما هو المنصوص عليه ، كما لو كان عليه غسل الجنابة ، وهو مفقود فيما نحن فيه.
وقد يؤيّد ذلك بمثل صحيحة عبد الله بن سنان ، حيث قال عليهالسلام في جواب سؤاله عن رجل أفطر في شهر رمضان : «يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستين مسكيناً» (١) من دون استفصال ، ولا بأس به.
ومما ذكرنا يظهر ضعف التمسّك في الأجناس المختلفة بالأخبار الواردة فيها ، بتقريب أنّ مقتضى «ما دلّ على أنّ الأكل يوجب الكفّارة» وجوبها له ، ومقتضى ما دلّ على أنّ الجماع يوجبها وجوبها له ، فيجب العمل عليهما ؛ لما ذكرنا من أنّ المتبادر إنّما هو ما وقع في حال يوجب فساد الصوم. وبعد وقوع أحدهما لا يبقى صوم حتّى يوجب الأخر فساده.
وكذلك يظهر ضعف الفرق بما وقع المفطر ثانياً بعد الكفّارة عن الأوّل ، فيجب ، دون ما لم يقع ؛ تمسّكاً في الأوّل بأن الثاني مفطر وقع في نهار رمضان ، فيوجب الكفّارة ، ولا ترفعه الكفّارة الأُولى ، بخلاف ما لو لم يكفّر ، فإنّه حصلت منه مهيّة المفطر ، وهو شيء واحد فعليه كفّارة واحدة.
ومن أبعد الأقوال وأضعف المتمسّكات ما اختاره في المسالك من حصول التعدد
__________________
(١) الكافي ٤ : ١٠١ ح ١ ، الفقيه ٢ : ٧٢ ح ٣٠٨ ، التهذيب ٤ : ٣٢١ ح ٩٨٤ ، الوسائل ٧ : ٢٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٨ ح ١.