وإن عجز في كفّارة النذر عن صيام شهرين ، وعن بدله ، وعن صيام ثمانية عشر يوماً صام ثلاثة أيّام ، وإن عجز استغفر (١).
هذا ذكر الأقوال إجمالاً ، وقبل الخوض في المقصود لا بدّ من بيان معنى العجز عن الكفّارة ، ومعنى قولهم «من وجب عليه صيام شهرين وعجز عنه صام ثمانية عشر يوماً» ، والتفرقة بين مواضعه.
فنقول : العجز عن الكفّارة إما بعدم الاستطاعة ابتداء ، أو بفقدها بعد الاستطاعة.
والظاهر أنّه لا خلاف بين الأصحاب في أنّ العبرة في الكفّارة بحال الأداء ، لا الوجوب ، وإنّما المخالف فيه بعض العامّة ، فلو قدر على العتق أولاً ثمّ عجز فلا يبقى في ذمّته ، بل ينتقل تكليفه إلى صيام الشهرين ، وهكذا إذا قدر على صيام الشهرين ثمّ عجز عنه ينتقل فرضه إلى الإطعام ، فيصدق على من عجز عن صيام الشهرين وقدر على الإطعام ثمّ عجز عنه أنّه ممن عجز عن صيام شهرين.
والمراد بقولهم «من وجب عليه صيام شهرين» أنّه كان ممن يكون من شأنه الخطاب بالصيام لو كان واجداً لشرطه وتعلّق به في الجملة ، لا خصوص الوجوب المطلق البتّ ، فقوله تعالى في كفّارة الظهار (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا) (٢) يعني : إن وجدها ، ثمّ قوله تعالى (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ) (٣) يعني : إن استطاعة ، وهكذا ، فليس المراد الواجب المطلق ، وهذا المعنى الذي ذكرناه موجود في المرتّبة والمخيّرة وكفّارة الجمع.
ولكن في تصوير ذلك في الجميع غموض ، فلنبيّن أوّلاً معنى قول الجماعة في باب الكفّارات ووجه ما ذكروه ، واستشكله جماعة من المتأخّرين مثل الشهيد الثاني في
__________________
(١) الوسيلة : ١٤٦.
(٢) المجادلة : ٣.
(٣) المجادلة : ٤.