فإن لم يتمكّن استغفر الله تعالى ولا شيء عليه ، قاله علماؤنا ؛ لما رواه العامة أنّ النبيّ قال للمجامع : «اذهب فكله أنت وعيالك» (١) ولم يأمره بالكفّارة في ثاني الحال ، ولو كان الوجوب ثابتاً في ذمّته لأمره بالخروج عنه عند قدرته.
إلى أن قال : وقال الزهري والثوري وأبو ثور : إذا لم يتمكّن من الأصناف الثلاثة كانت الكفّارة في ذمّته (٢).
إلى أن قال : اختلفت عبارة الشيخين هنا ، فقال المفيد رحمهالله : لو عجز عن الأصناف الثلاثة صام ثمانية عشر يوماً متتابعات ، فإن لم يقدر تصدّق بما أطاق ، أو فليصم ما استطاع ، فجعل الصدقة مترتبة على العجز عن صوم ثمانية عشر (٣) والشيخ رحمهالله عكس ، فقال : إن لم يتمكّن ، إلى آخر ما نقلنا عنه سابقاً (٤).
فظهر أنّ مراده من النسبة إلى علمائنا هو أن لا يبقى في ذمّته شيء بعد العمل بما هو بدل عن الخصال ، وإن كان نفس البدل مختلفاً فيه ، خلافاً لغيرهم ، حيث يقولون : بعد العجز عن الخصال تبقى الكفّارة في الذمّة.
واختار ابن إدريس أيضاً هذا القول ، ولم يذكر الاستغفار (٥) ، ثم قال في كفّارة صوم النذر بعد ما اختار أنّه مثل كفّارة رمضان : فإن لم يتمكّن منه صام ثمانية عشر يوماً ، فإن لم يقدر تصدّق بما يتمكن منه ، فإن لم يستطع استغفر الله وليس عليه شيء (٦).
وقال ابن حمزة في الوسيلة : وإن عجز عن الكفارات الثلاث والظاهر أنّ مراده كفّارة رمضان إن أمكنه صيام ثمانية عشر يوماً صام ، وإن لم يمكنه استغفر ولم يعد ،
__________________
(١) صحيح مسلم ٢ : ٧٨١ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٢١.
(٢) انظر المغني ٣ : ٧٢ ، والشرح الكبير ٣ : ٧٢.
(٣) المقنعة : ٣٤٥.
(٤) انتهى المنقول من التذكرة ٦ : ٥٦.
(٥) السرائر ١ : ٣٧٩.
(٦) السرائر ١ : ٤١٣.