وذهب الصدوقان إلى أنّ بدل الكفّارة هو التصدّق بما يطيق (١) ، وقال الصدوق في المقنع بعد ذلك : وروى في حديث آخر أنّه إذا لم يطق إطعام ستّين مسكيناً صام ثمانية عشر يوماً (٢).
حجّة المفيد وابن الجنيد : الأصل ، وأن نصّ القرآن إنّما جاء على هذه الخصال الثلاث ، فلا يجزئ غيرها ، ورواية أبي بصير المتقدّمة في الجواب عن الإشكال الرابع (٣).
وفيه : أنّ الأصل مخرج عنه بالدليل. وكذلك الآية تخصص به ، ولا يستلزم ذلك النسخ كما توهّم ، والرواية معارضة بأقوى منها ، مع أنّها لا تنفي لزوم الثمانية عشر أو التصدّق إذا أمكن كما لا يخفى ، بل إنّما تدلّ على أنّ الاستغفار بعد العجز عمّا يجب عليه لا يوجب الحلّ ، وسيجيء ما يعارض ذلك أيضاً.
وحجّة القول بوجوب الثمانية عشر يوماً : عموم رواية أبي بصير المتقدّمة في أوّل الباب بالتقريب الذي بيّناه ، وخصوص موثّقة أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل ظاهر من امرأته ، فلم يجد ما يعتق ولا ما يتصدّق ، ولا يقوى على الصيام قال : «يصوم ثمانية عشر يوماً ، لكلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام» (٤).
وهذا هو الدليل الذي ذكرنا أنّه مخرج عن الأصل ومخصّص للاية ؛ لجواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ، سيّما إذا اشتهر العمل به.
وأمّا حجّة جواز الوطء بعد حصول ما يقوم مقام الكفّارة ، فهو ظاهر إطلاق هاتين الروايتين في مقام الحاجة ، وخصوص موثّقة إسحاق بن عمار بل حسنته لإبراهيم بن هاشم أو صحيحته ؛ لمنع كون إسحاق هذا واقفيّاً (٥) ، وكون مدح إبراهيم بمنزلة التوثيق
__________________
(١) نقله عنهما في المختلف (طبعة مركز الإعلام الإسلامي) ٧ : ٤٢٢.
(٢) المقنع (الجوامع الفقهيّة) : ٣٤.
(٣) الكافي ٧ : ٤٦١ ح ٥ ، التهذيب ٨ : ١٦ ح ٥٠ ، الاستبصار ٤ : ٥٦ ح ١٩٥.
(٤) التهذيب ٨ : ٢٣ ح ٧٤.
(٥) انظر معجم رجال الحديث رقم ١١٥٧ ـ ١١٦٠.