رسول اللهُ» (١) و (٢).
وربّما يستدلّ بمثل آخر رواية زيد الشحّام ، قال : صعدت مرّة جبل أبي قبيس والناس يصلّون المغرب ، فرأيت الشمس لم تغب ، إنّما توارت خلف الجبل عن الناس ، فلقيت أبا عبد الله عليهالسلام فأخبرته بذلك ، فقال : «فَلِمَ فعلت ذلك ، بئس ما صنعت ، إنّما تصلّيها إذا لم ترها خلف الجبل ، غابت أو غارت ، ما لم يتجلّلها سحاب أو ظلمة تظلّها ، فإنّما عليك مشرقك ومغربك ، وليس على الناس أن يبحثوا» (٣).
وفيه : منع الدلالة ، إذ مع قطع النظر عن اختصاص ذلك بوقت المغرب على القول بكفاية ذهاب الشعاع عن الأشجار والمباني العالية ، لا زوال الحمرة المشرقيّة ، لا بدّ على أنّ بعد البحث لا يجب العمل بمقتضاه.
ثمّ نقل فيها عن بعض الشافعية (٤) أنّ حكم البلدان كلها واحد ، فمتى رؤي في بلد حكم بأنه أوّل الشهر في جميع أقطار الأرض ، تباعدت البلاد أو تقاربت ، اختلفت مطالعها أو لا ، وبه قال أحمد وليث ، وبعض علمائنا ؛ لأنّه يوم من شهر رمضان في بعض البلاد للرؤية ، وفي الباقي بالشهادة ، فيجب صومه ؛ لقوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (٥) ولأنّ الأرض مسطّحة ، فإذا اختلفت البلاد في الرؤية فإنّما هو لأمر عارضي.
وبقول الصادق عليهالسلام في صحيحة هشام بن الحكم : فيمن صام تسعة وعشرين يوماً : «إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنّهم صاموا ثلاثين على رؤية الهلال
__________________
(١) صحيح مسلم ٢ : ٧٦٥ ح ١٠٨٧ ، سنن الترمذي ٣ : ٧٦ ح ٦٩٣ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٩٩ ح ٢٣٣٢ ، سنن النسائي ٤ : ١٣١ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٧١ ح ٢١ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٥١.
(٢) التذكرة ٦ : ١٢٢.
(٣) الفقيه ١ : ١٤٢ ح ٦٦١ ، التهذيب ٢ : ٢٦٤ ح ١٠٥٣ ، الاستبصار ١ : ٢٦٦ ح ٩٦١ ، الوسائل ٣ : ١٤٥ أبواب المواقيت ب ٢٠ ح ٢.
(٤) التذكرة ٦ : ١٢٣ ، وانظر فتح العزيز ٦ : ٢٧٢ ، والمجموع ٦ : ٢٧٣ و ٢٧٤ ، وحلية العلماء ٣ : ١٨١ ، والمغني ٣ : ١٠ ، والشرح الكبير ٣ : ٧.
(٥) البقرة : ١٨٥.