وقال : ولعلّ هذا أشبه بالصواب (١).
بل لم يظهر منه رحمهالله اشتراط القطع في الشهادة أيضاً ؛ لمنافاته التردّد في اعتبار الظنّ المتاخم للعلم ، بل مراده كفاية القطع الحاصل بالاستفاضة لا اشتراطه.
وأما كلامه في أوّل كتاب القضاء في ولاية القاضي (٢) ، فليس بنص في اعتبار اليقين ، بل أطلق الشياع ، وما ذكره في آخر كلامه من اعتبار اليقين إنما هو في اعتبار الأمارات الحاصلة بصدق الوالي بخبره.
ويدلّ عليه حصر الحكم بثبوت الاستفاضة بالأُمور المعينة ، وإلا فلا ينبغي التخصيص فيما يفيد العلم.
وقد غفل في المسالك ونسب إليه اعتبار العلم مع تنبهه ؛ لأنه لا وجه للتخصيص في صورة اعتبار العلم (٣).
فهاهنا مقامان من الكلام :
الأوّل : أنّه هل يكفي في الشهادة الاعتقاد الظنّي الذي أجاز الشارع العمل به أم لا؟ وهو محلّه في كتاب الشهادات ، والظاهر جوازه كالاستصحاب واليد وغيرهما.
والثاني : أنّ هذا الظنّ الحاصل بالاستفاضة هل هو من باب تلك الظنون التي أجاز الشارع العمل بها أم لا؟ ومحلّه محل آخر ، ومنه ما ذكره المحقّق في أوّل كتاب القضاء من أنّ ولاية القاضي تثبت بالاستفاضة ، وكذا النسب والملك المطلق والموت والنكاح والوقف والعتق (٤).
ونقل الشهيد في القواعد عن بعضهم أنه يثبت بالاستفاضة اثنان وعشرون : النسب إلى الأبوين ، والموت ، والنكاح ، والولاية ، والعزل ، والولاء ، والرضاع ، وتضرر
__________________
(١) الشرائع ٤ : ١٢٣.
(٢) الشرائع ٤ : ٦٢.
(٣) المسالك ٢ : ٥١.
(٤) الشرائع ٤ : ٦٢.