الوليّ ضعيفاً ، أو كان ممن ليس صلاته صحيحة ، ولا يبالي بتصحيح صلاته ، سيّما على قول المشهور من وجوب قضاء جميع العبادات لا ما فات منه لعذر.
فإن قيل : إشكال الشهيد في الذكرى مع دعواه الإجماع سابقاً على صحّة الاستئجار للعبادات كاشف عن أنّ مراده ثمّة من دعوى الإجماع في غير صورة ما وجب على الوليّ.
قلت : الظاهر أنّه غفل هنا ، ولعلّ الداعي على الغفلة هو أنّ للمسألة هنا حيثيتين (١) مندرجتين تحت قاعدتين ، الاولى : أنّ من وجب عليه عمل من المكلّفين الأحياء فالأصل عدم إسقاط فعل الغير إيّاه ، غاية الأمر أنّ ذلك الغير يجوز أن يفعل فعلاً عن الميت ، وفعل الغير هنا إنّما هو عن الوليّ ، ولا يجوز العبادة عن الأحياء إلا فيما خرج بالدليل كالحج والزيارة.
والثانية : أنّ من جاز له أن يعمل عملاً لنفسه ، ويجوز أن يفعله لغيره ، يجوز أن يؤجر نفسه لفعل ذلك العمل إجماعاً ، منضمّاً إلى ما ثبت أنّ من فعل عملاً للميت ينفعه ويصل إليه ويجوز له أن يفعله ، ويلزمه جواز إيجار نفسه لفعل ذلك إذا وجب ذلك الفعل على الوليّ ، وهذا يستلزم بالتبع جواز استئجار الوليّ إيّاه لذلك العمل.
فلعل نظر الشهيد رحمهالله هنا إلى القاعدة الأُولى ، وغفل عن مقتضى القاعدة الثانية ، ونظره ثمّة إلى القاعدة الثانية ، ومسألتنا هذه مورد القاعدتين ، والنسبة بينهما عموم من وجه.
ولما استشكلنا سابقاً في القاعدة الثانية من جهة منع عموم أنّ من فعل فعلاً للميت فهو صحيح وينفعه حتّى إذا كان بإزاء الأُجرة أيضاً ؛ لأنّ غاية ما ثبت من الأخبار هو أنّ ما فعله المتبرع عن الميت ينفعه لا مطلقاً ، ولا يتمّ الاستدلال إلا بذلك.
فلم تثبت إباحة الفعل لنفسه مطلقاً حتّى يتم بضميمة عمومات الإجارة المستلزمة
__________________
(١) في «م» : جنبتين.