وغير ذلك.
والاعتذار «بأنّ التكليف في الأوّل بالوليّ ، فلم يتعلّق بالصبيّ ، وفي الثاني بأنّه مأمور بالوضوء ؛ لأنّه فاقد للطهور ، لا لأنّه محدث» تكلّف ، والمندوب ليس بتكليف حتّى لا يمكن تعلّقه بغير المكلّف.
ولنا أيضاً : لزوم الظلم عليه تعالى لو خلا عمله عن الثواب.
وبيانه : أنّا قد حقّقنا في الأُصول أنّ المكلّف تابع لما يؤدّيه إليه عقله وفطنته (١) ، فإذا كان غافلاً أو جاهلاً رأساً ، ولم يتفطّن لأنّه يجب عليه التفحّص عن المجتهد وتقليده ، واعتقد أنّ الدين والمذهب هو ما علّمه أبواه أو معلّمه ، فلا يؤاخذ على فعله ؛ لأنّه منتهى طاقته (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلّا وُسْعَها) فيجب عليه أن يعطيه الأجر على ما فعله ؛ إذ هو طاعته على مقتضى طاقته.
فالطفل أيضاً إذا فهم أنّ الله تعالى يطلب منه هذا الفعل الذي مرّنه عليه أبواه وعلّماه النيّة فيه ، وذكرا له أنّ ذلك طاعة الله وعبادته ، فيفهم من ذلك أنّ الله يريد منه هذه العبادة ، ويفعله إمّا خوفاً منه أو رجاءً للثواب ؛ لأنّ الوليّ لا يقول له : إنّي أُريد منك محض التمرين ، وأنّ مطلوبي منك محض صورة العبادة والله تعالى لا يريده منك.
فالحكم بحصول الثواب والأجر للأوّل دون الثاني تحكّم ، أو ترجيح مرجوح ، وإيثار الله تعالى طاعة الأوّل على الثاني في بذل الثواب ظلم عليه.
مع أنّ المستبعد الذي قد يحكم العقل باستحالته أن يحصل الفرق بين لمحتين من الآنات من أواخر الصبا وأوائل البلوغ مع عدم تفاوت حال العبد فيهما أصلاً بحسب العقل والكمال والمعرفة ، فيثاب على ما فعله في الان الثاني دون الأوّل مع اعتقاده في كلا الأنين أنّ الله تعالى أراد منه ، غاية الأمر أنّه يعتقد المؤاخذة على الترك في الان
__________________
(١) في «م» : مظنّته.