ليس إلّا لأجل تعلق إرادته به ، وكونه (١) مريدا له قاصدا إيّاه (٢) لا يكاد يحمله على التحمل إلّا ذلك (٣). ولعل الّذي أوقعه (٤) في الغلط ما قرع سمعه من تعريف الإرادة بالشوق المؤكّد المحرّك للعضلات نحو المراد ، وتوهم (٥) : أنّ تحريكها
______________________________________________________
(١) معطوف على ـ أجل ، ويجوز عطفه على ـ تعلّق ـ.
(٢) ضمائر ـ به وله وإياه ـ راجعة إلى المقصود ، وضميرا ـ إرادته وكونه ـ إلى المريد.
(٣) أي : تعلّق الإرادة ، إذ لولاها لما تحمّل المشاق والصعاب.
(٤) أي : بعض أهل النّظر من أهل العصر ، وحاصل وجه توهمه : ظهور تعريف الإرادة بالشوق المؤكّد المحرّك للعضلات نحو المراد في امتناع انفكاك الإرادة عن المراد ، فيمتنع تحريك الإرادة نحو المتأخّر عنها زمانا كالواجب المعلّق ، حيث إنّه متأخر زمانا عن الوجوب.
والمصنّف دفع هذا التوهم بقوله : ـ وقد غفل ... إلخ ـ وملخصه : تسليم عدم انفكاك الإرادة عن المراد في الجملة سواء أكان مرادا بالأصالة كشرب الماء ، أم بالتبع كبذل الفلوس لشراء الماء ، أو نقله إلى منزله ثم إلى إناء يعتاد شرب الماء منه ، فحركة العضلات تارة تكون مقصودة بالأصالة كشرب الماء ، وتبريد البدن ، ونحوهما ، وأخرى تكون مرادة تبعا ، كبذل الفلوس لشراء الماء ، كما عرفت. فالإرادة وإن لم تكن منفكّة عن المراد ، إلّا أنّ المراد ليس منحصرا بالمقصود الأصلي حتى يلزم انفكاكه عن الإرادة فيما إذا توقف المراد على مقدمات ، بل الغالب انفكاك المرادات النفسيّة التي هي الغايات الداعية بوجودها العلمي إلى ارتكاب الأفعال عن الإرادات.
فالمتحصل : أنّه لا مانع من تعلّق الإرادة التكوينية بأمر متأخّر ، هذا في المقيس عليها أعني الإرادة التكوينية. وأمّا الإرادة التشريعية التي هي المقيسة ، فسيأتي الكلام فيها إن شاء الله تعالى.
(٥) معطوف على ـ ما ـ في قوله : ـ ما قرع سمعه ـ ، يعني : ولعلّ الّذي