عنه كذلك (١) نظرا ، وجهه : أنّه يلزم أن لا يكون ترك الواجب حينئذ (٢) مخالفة
______________________________________________________
عن عذر شرعي ، فلا يعد عصيانا.
وبعبارة أوضح : الجواز ثابت للمقدّمة الموصلة ، وكونها موصلة يتوقّف على الإتيان بذيها ، وهو متوقّف على الإتيان بها ، فما لم يؤت بها لا تتّصف بكونها موصلة. وحينئذ ، فبعد الإتيان بذي المقدّمة الموجب لتحقّق عنوان الموصليّة للمقدّمة ليحكم عليها بالجواز لا يمكن تعلّق الطلب بالواجب النفسيّ ، لأنّه من طلب الحاصل. وقبل الإتيان به بما أنّ المقدّمة لم تتّصف بالموصليّة ، فهي غير موصلة فيتعلّق بها النهي ، فتكون ممنوعة شرعا ، فلا يكون ترك الواجب المستند إليها مخالفة وعصيانا.
والحاصل : أنّه يلزم من المنع عن المقدّمات إلّا الموصلة أحد محذورين : وهما : طلب الحاصل ، وعدم كون ترك ذي المقدّمة عصيانا. مثلا : إذا أمر الشارع بالصلاة ، ونهى عن مقدّماتها إلّا ما يوصل منها إلى الصلاة ، فتمتنع الصلاة شرعا ، للنهي عن مقدّماتها ، فلا يعدّ تركها حينئذ عصيانا. ومجرّد إباحة ما يوصل من مقدّماتها إليها كالوضوء لا يوجب القدرة على الصلاة ، لأنّ إباحة المقدّمة الموصلة موقوفة على اتّصافها بالموصليّة ، وهذا الاتّصاف موقوف على وجود الصلاة بعد الوضوء ليتصف الوضوء بالموصليّة ، ومن المعلوم : أنّه بعد وجود الصلاة يستحيل الأمر بها ، لكونه من طلب الحاصل المحال. كما يستحيل تعلّق الأمر بها قبل وجودها ، لامتناعها ، لأجل امتناع مقدّمتها شرعا بسبب تعلّق النهي بها ، فلا يكون تركها حينئذ مخالفة وعصيانا ، لكونه عن عذر شرعي.
(١) يعني : المنع عن المقدّمات إلّا الموصلة ، وضمير ـ عنه ـ راجع المقدّمات فالأولى تأنيثه.
(٢) يعني : حين المنع عن المقدّمات إلّا الموصلة.