فصل
إذا ورد أمر بشيء بعد الأمر به قبل (*) امتثاله (١) ، فهل يوجب تكرار ذاك الشيء ، أو تأكيد الأمر الأوّل ، والبعث (٢) الحاصل به؟ قضية إطلاق المادّة (٣) هو التأكيد ، فإنّ (٤) الطلب تأسيسا لا يكاد يتعلّق بطبيعة واحدة مرتين من دون أن يجيء تقييد لها في البين ولو (٥) كان بمثل «مرّة أخرى» كي يكون متعلّق
______________________________________________________
الأمر بعد الأمر
(١) يعني : قبل امتثال الأمر الأوّل ، كما إذا قال : «أعتق رقبة» ، وقبل امتثاله ورد أيضا : «أعتق رقبة» ، فهل يكون الثاني تأسيسا حتّى يجب عتق رقبتين امتثالا للأمرين؟ أم يكون تأكيدا للأوّل ، فلا يجب إلّا عتق رقبة واحدة.
(٢) معطوف على قوله : «الأمر» ، وضمير ـ به ـ راجع إلى الأمر.
(٣) توضيحه : أنّ إطلاق مادّة الأمر الثاني ـ كالعتق في المثال المذكور ـ وعدم تقييدها بما ينوّعه ، أو يصنّفه ، أو يشخّصه يقتضي اتّحاد المادّتين مفهوما ، وكون المطلوب بالأمر الثاني عين المطلوب بالأمر الأوّل ، فلا محالة يكون الطلب الثاني تأكيدا له ، إذ لو لا التأكيد يلزم اجتماع المثلين ، وهما الطلبان.
(٤) هذا تقريب محذور اجتماع المثلين ، وقد عرفته.
والحاصل : أنّ حمل الأمر الثاني على التأسيس مستلزم للمحال ، وهو اجتماع المثلين ، ضرورة أنّ صرف الوجود سواء أكان من طبيعة الطلب أم طبيعة المطلوب لا يتثنّى ولا يتكرّر ما لم ينضم إليها ما يكثّرها نوعا ، أو صنفا ، أو شخصا.
(٥) كلمة ـ لو ـ وصليّة ، كأن يقول ـ بعد قوله : «أعتق رقبة» ـ : «أعتق
__________________
وقد بسطنا الكلام في شرعيّة عبادات الصبي في رسالة مستقلة.
(*) وأمّا إذا ورد بعد امتثال الأوّل ، فيكون الأمر الثاني تأسيسا ، إذ لا معنى للتأكيد بعد السقوط ، فيتعيّن كونه تأسيسا ، وإلّا يلزم اللغويّة.