أَعْمى) (١). ومثال وقوعها على ما لا يعقل لاختلاطه بمن يعقل فيما فصل بـ «من» قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) (٢). فوقعت على ذوات الأربع وإن كانت من جنس ما لا يعقل ، لاختلاطه بمن يعقل في قوله تعالى : (كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) (٣). ألا ترى أنّ الدابّة تقع على كل ما يدبّ من عاقل وغيره. فعومل الجميع معاملة من يعقل ، ولذلك جاء التفصيل كتفصيل من يعقل.
ومثال وقوعها على ما لا يعقل لاختلاطه بمن يعقل فيما وقعت عليه «من» : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) (٤). ألا ترى أنّ الماشي على رجلين فيه عاقل كالإنسان وغير عاقل كالطائر.
ومثال وقوعها على ما لا يعقل لمعاملته معاملة من يعقل قوله [من الطويل] :
٧٨ ـ [ألا عم صباحا أيها الطلل البالي] |
|
وهل ينعمن من كان في العصر الخالي |
فأوقع «من» على الطلل لما عامله معاملة من يعقل حين خاطبه وناداه وحيّاه.
______________________
(١) الإسراء : ٧٢.
(٢) النور : ٤٥.
(٣) النور : ٤٥.
(٤) النور : ٤٥.
٧٨ ـ التخريج : البيت لامرىء القيس في ديوانه ص ٢٧ ؛ وجمهرة اللغة ص ١٣١٩ ؛ وخزانة الأدب ١ / ٦٠ ، ٣٢٨ ، ٣٣٢ ، ٢ / ٣٧١ ، ١٠ / ٤٤ ؛ والدرر ٥ / ١٩٢ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ٣٤٠ ؛ والكتاب ٤ / ٣٩ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٧ / ١٠٥ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٦٩ ، ٢ / ٢٩٢ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ٤٨٥ ؛ ومغني اللبيب ١ / ١٦٩ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٨٣.
شرح المفردات : عم : أنعم. الطلل : ما بقي شاخصا من آثار الدار. الخالي : الماضي.
المعنى : يحيّي الشاعر أهل الطلل عبر إلقاء التحيّة على الطلل الذي امحت آثاره ، وتفرّق أهله ، ويتساءل عمّا إذا نعموا عند هذا التغيير ، ولعلّه يعني نفسه التي أضناها ألم الفراق.
الإعراب : «ألا» : حرف استفتاح. «عم» : فعل أمر ، والفاعل ... وجوبا «أنت». «صباحا» : ظرف زمان منصوب متعلّق بـ «عم». «أيّها» : منادى مبنيّ على الضمّ في محل نصب ، و «ها» للتنبيه. «الطلل» : عطف بيان على «أيّ» ، أو نعت «أيّ» مرفوع. «البالي» : نعت «الطلل» مرفوع. «وهل» : الواو حرف استئناف ، و «هل» : حرف استفهام. «ينعمن» : فعل مضارع مبنيّ على الفتح لاتّصاله بنون التوكيد. «من» : اسم موصول مبنيّ في محل رفع فاعل. «كان» : فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر تقديره : «هو». «في العصر» : جار ومجرور متعلّقان بمحذوف خبر «كان». «الخالي» : نعت «العصر» مجرور.
وجملة : «عم صباحا» ، ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «يعمن ...» استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «كان في العصر» صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله : «ينعمن من ...» حيث استعمل «من» لغير العاقل عند ما عامله معاملة العاقل.