فإن كان مرفوعا ؛ فإمّا أن يكون مبتدأ أو غيره ، فإن كان غيره لم يجز حذفه ؛ وإن كان مبتدأ فلا يخلو إذ ذاك أن يكون في صلة «أيّ» أو في صلة غيرها.
فإن كان في صلة «أيّ» جاز حذفه على كل حال ، قال الله تبارك وتعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) (١). تقديره : أيّهم هو أشدّ. وإن كان في صلة غيرها فلا تخلو الصلة من أن يكون فيها طول أو لا يكون ؛ فإن كان فيها طول جاز حذفه وطول الصلة بأن يكون للخبر معمول واحد أو أكثر ، نحو قولك : «جاءني الذي هو ضارب زيدا يوم الجمعة» ، تقول فيه ؛ «جاءني الذي ضارب زيدا». ومن كلامهم : «ما أنا بالذي قائل لك سوءا» ، أي : بالذي هو قائل لك سوءا.
وإن لم يكن في الصلة طول ، نحو قولك : «جاءني الذي هو قائم» ، لم يجز حذفه إلا حيث سمع ، كقراءة من قرأ : (تماما على الذي أحسن) (٢) ، برفع «أحسن». و:(مثلا ما بعوضة) (٣) ، بالرفع. تقديرهما : على الذي هو أحسن ، ومثلا الذي هو بعوضة فما فوقها.
وإن كان الضمير منصوبا ؛ فإمّا أن يكون العامل في الضمير فعلا أو لا ، فإن كان غيره لم يجز حذفه إلا قليلا كـ «جاءني الضاربه زيد» ، لا يجوز «الضارب زيد» ، إلّا قليلا وكذلك «جاءني الذي إنه قائم» ، ولا يجوز «الذي إن قائم» إلّا قليلا.
وإن كان فعلا ، فلا تخلو الصلة من أن يكون فيها ضمير غيره أو لا يكون ؛ فإن كان فيها ضمير غيره لم يجز حذفه ، لما يؤدي ذلك إليه من اللبس ، وذلك نحو قولك : «جاءني الذي ضربته في داره» ، ألا ترى أنك لو قلت : «جاءني الذي ضربت في داره» ، لم يعلم : هل أردت أنّك ضربته في داره أو ضربت غيره في داره.
فإن لم يكن في الصلة غيره ، فلا يخلو أن يكون متّصلا أو منفصلا ، فإن كان منفصلا لم يجز حذفه ، وذلك نحو قولك : «الذي ظنّني إيّاه زيد قائم» ، لا يجوز أن تقول : «الذي ظنني زيد قائم».
وإن كان متّصلا فلا يخلو أن يكون في صلة الألف واللام أو في صلة غيرها. فإن كان في صلتها ، لم يجز حذفه وذلك نحو قولك : «جاءني الضاربه زيد» ، لا يجوز أن تقول فيه : «جاءني الضارب زيد» ، فإن جاء من ذلك شيء ، فيحفظ ولا يقاس عليه. وإن كان في
______________________
(١) مريم : ٦٩.
(٢) الأنعام : ١٥٤.
(٣) البقرة : ٢٦.