غير صلة الألف واللام جاز فيه الإثبات والحذف ، نحو قولك : «جاءني الذي ضربته». وإن شئت قلت : «جاءني الذي ضربت».
وإن كان الضمير مخفوضا ، فلا يخلو أن يكون مخفوضا بإضافة اسم له ، أو بحرف جرّ ؛ فإن كان مخفوضا بإضافة اسم له ، لم يجز حذفه ، نحو قولك : «جاءني الذي قام غلامه». وقد يجوز في الشعر حذف الضمير والاسم إذا كان في الكلام ما يدلّ عليه ، إلّا أنه من القلة بحيث لا يقاس عليه. قال الشاعر [من السريع] :
٨٦ ـ أعوذ بالله وآياته |
|
من باب من يغلق من خارج |
تقديره : من باب من يغلق بابه من خارج ، فحذف بابه بجملته. وإن كان مخفوضا بحرف فلا تخلو الصلة من أن يكون فيها ضمير غيره أو لا يكون ، فإن كان فيها ضمير غيره ، لم يجز حذفه لما يؤدي إليه ذلك من اللبس ، وذلك نحو قولك : «الذي أحسن إليه غلامه عمرو» ، لأنك لو حذفت «إليه» ، فقلت : «الذي أحسن غلامه» ، لم يجز ، لأنّه لا يعلم : هل أردت أنّ إحسان الغلام وقع لسيّده أو لغيره.
فإن لم يكن في الصلة غيره ، فلا يخلو الموصول من أن يدخل عليه حرف خفض من جنس الحرف الذي دخل على الضمير أو لا يدخل ، فإن لم يدخل فلا يجوز حذفه أصلا.
______________________
٨٦ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في الدرر ١ / ٢٩٨ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٩٠.
اللغة : أعوذ بالله : ألجأ إليه ، وأحتمي به.
المعنى : أحتمي بالله ـ جلّ وعلا ـ وببراهينه وآياته البيّنات ، وأنا أجلس أسيرا في السجن الذي يغلق السجّان بابه من الخارج.
الإعراب : أعوذ : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنا). بالله : جار ومجرور متعلقان بـ (أعوذ). وآياته : «الواو» : للعطف ، «آيات» : معطوف على لفظ الجلالة مجرور بالكسرة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. من باب : جار ومجرور متعلقان بـ (أعوذ). من : اسم موصول في محلّ جرّ مضاف إليه. يغلق : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). من خارج : جار ومجرور متعلقان بـ (يغلق).
وجملة «أعوذ» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «يغلق» : صلة الموصول لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله : «من يغلق من خارج» حيث حذف العائد المجرور بإضافة غير الوصف ، والتقدير : من باب من يغلق بابه ، وهذا على مذهب الكسائيّ ، ومنع ذلك الجمهور ، وتأوّل بعضهم هذا البيت على أنّ التقدير : من يغلق بابه ، فحذف «باب» ، وأقام الضمير مقامه ، فصار ضميرا مرفوعا ، فاستتر في الفعل.
جمل الزجاجى / ج ١ / م ٩