فلا ينبغي أن يحتجّ به فيقال : قد قال خالدين ، بالجمع على معنى «من» ، ثم قال بعده : قد أحسن الله له رزقا ، بالإفراد على لفظها ، لأنّ «خالدين» حال نم الضمير في يدخله على معناه ، لأنّه في المعنى جمع ، والضمير في «له» عائد على «من» على لفظه. وإنما كان يكون فيه حجّة لو كان «خالدين» حالا من نفس «من».
وكذلك أيضا يجوز الحمل على اللفظ وعلى المعنى في كل شيء له لفظ ومعنى موصولا كان أو غير موصول.
واعلم أن اعتبار مسائل هذا الباب الصحيح منها من الفاسد بأن تبدل من الاسم التام إن كان مرفوعا ضمير المتكلم المرفوع وهو التاء ، وإن كان منصوبا ضمير المتكلم المنصوب وهو النون والياء ، ومن الموصول اسما ظاهرا في معناه على حسب ما تقدم في معاني الموصولات. فإن صحّت المسألة بعد هذا الاعتبار فهي صحيحة قبله وإلّا فهي فاسدة.
فإن قيل : هل يجوز : «أعجب زيد ما كره عمرو»؟ فالجواب : أن تقول : إن أوقعت «ما» على ما لا يعقل لم يجز ، لأنّ تقدير المسألة إذ ذاك : أعجب الحمار ، وذلك فاسد. وإن أوقعت «ما» على أنواع من يعقل جازت المسألة ، لأنّ التقدير إذ ذاك أعجب النساء والرجال.
فإن قيل : هل يجوز «أعجب زيد من كره عمرو»؟ فالجواب إنّك إن أوقعت «من» على من يعقل جازت المسألة ، لأنّ تقدير المسألة إذ ذاك : أعجب زيدا ، وإن أوقعت «من» على ما لا يعقل المختلطة بمن يعقل لم تجز المسألة ، لأنّ تقديرها إذ ذاك : أعجب زيدا والحمار ، مثلا ، وذلك غير جائز.
فعلى هذا تمشي مسائل هذا الباب.
قوله : ومثل ذلك : ما دعا زيدا إلى الخروج ... إلى آخر الباب.
يعني أنه مثل ما تقدّم في أنّ الإعراب لا يظهر في «ما» وإن لم تكن موصولة. وفي أنها تقع على ما تقع عليه الموصولة ، وفي أنه يجوز لك أن تعتبرها بما اعتبرت به الموصولة من إبدالك من الاسم التام إن كان مرفوعا ضمير المتكلم المرفوع ، وإن كان منصوبا ضمير المتكلم المنصوب. وتبدل منها اسما في معناها.