فإذا حملت على اللفظ وعلى المعنى في كلام واحد ، فالأحسن أن تقدم الحمل على اللفظ ، ثم تحمل بعد ذلك على المعنى ، نحو : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً) (١). وقد يجوز أن يتقدّم الحمل على المعنى خلافا لأهل الكوفة ، فإنّهم لا يجيزون ذلك. والدليل على جوازه قوله [من الطويل] :
٩٧ ـ أأنت الهلاليّ الذي كنت مرّة |
|
سمعنا به والأرحبيّ المغلّب |
فقوله : «كنت» ، على معنى «الذي» لأن الذي في المعنى : «أنت» ، وقوله : «سمعنا به» ، على لفظه. فأما قوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) (١).
______________________
ـ وجملة «أنا الذي» : حسب ما قبلها. وجملة «عرفت» : صلة الموصول لا محلّ لها. وجملة «نشدت» : معطوفة على جملة (عرفت).
والشاهد فيه قوله : «أنا الذي عرفت» حيث جاء بالفعل (عرفت) صلة للموصول على اللفظ لا على المعنى.
(١) الأحزاب : ٣١.
٩٧ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في الدرر ١ / ٢٨٣ ؛ ورصف المباني ص ٢٦ ؛ والمقرب ١ / ٦٣ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٨٧.
اللغة : الهلالي : نسبة إلى هلال وهو جدّ حيّ من هوازن. الأرحبيّ : نسبة إلى أرحب وهو جدّ بطن من همدان ، أو فحل تنسب إليه النجائب الأرحبيّة.
المعنى : أتراك الفارس الذي سمعنا به مرّة من بني هلال؟! والغالب دائما من بني همدان (أو : وهذا بعيرك النجيب من نسل أرحب الذي غلب على غيره من الفحول).
الإعراب : أأنت : «الهمزة» : حرف استفهام ، «أنت» : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. الهلالي : خبر مرفوع بالضمة. الذي : اسم موصول في محلّ رفع صفة لـ (الهلالي). كنت : فعل ماض ناقص ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع اسم (كان). مرة : نائب مفعول مطلق منصوب بالفتحة. سمعنا : فعل ماض مبني على السكون ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. به : جار ومجرور متعلّقان بـ (سمعنا). والأرحبي : «الواو» : للعطف ، «الأرحبي» : خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هذا) مرفوع بالضمة. المغلب : صفة (الأرحبيّ) مرفوع بالضمّة.
وجملة «أنت الهلالي» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «كنت سمعنا به» : صلة الموصول لا محلّ لها.
وجملة «سمعنا» : في محلّ نصب خبر (كان). وجملة «هذا الأرحبي» : معطوفة على جملة «أنت الهلالي» لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله : «الذي كنت مرّة سمعنا به» فجاء بالفعل (كنت) صلة للموصول على المعنى ، ثم جاء بـ «سمعنا به» على اللفظ ، فجاز بهذا أن يتقدم الحمل على المعنى.
(١) الطلاق : ١١.