مباشرا للعامل فتقول : «قام إمّا زيد وإمّا عمرو» ، فتلي «إمّا» «قام» ، وحرف العطف إنّما يكون بعد المعطوف عليه.
والآخر : أنّها لما جاءت في محل العطف دخلت عليها الواو ، فقلت : «وإمّا عمرو» ، وحرف العطف لا يدخل عليه حرف عطف.
وقسم اختلف النحويون في كونه من حروف العطف وهو «لكن» ، فمذهب يونس أنّها ليست بعاطفة ، واستدل على ذلك بدخول حرف العطف عليها ، قال تعالى : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) (١). فـ «رسول الله» معطوف على خبر «كان» ، ولو كانت «لكن» هي العاطفة لم يدخل عليها حرف العطف.
ومذهب سيبويه أنّها عاطفة لأنّها إذا دخل عليها حرف العطف تخلّصت للاستدراك ولم تكن عاطفة ، ومثال العاطفة : «ما قام زيد لكن عمرو» (٢). فإن قيل : إنّ العرب لا تستعمل «لكن» إلّا مع الواو ، فالجواب : إنّه قد حكي من كلامهم : «ما مررت برجل صالح لكن طالح» ، بغير واو.
فإن قيل : فلعل «لكن» هنا غير عاطفة ، و «طالح» هنا محمول على إضمار فعل لدلالة ما تقدّم عليه ، كأنّه قيل : «لكن مررت بطالح». فالجواب : إن إضمار الخافض وإبقاء عمله لا يجوز إلّا في ضرورة شعر ، نحو قوله [من الخفيف] :
١٢ ـ رسم دار وقفت في طلله |
|
[كدت أقضي الحياة من جلله] |
______________________
(١) الأحزاب : ٤٠.
(٢) انظر المسألة الثامنة والستين في كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف ص ٤٨٤ ـ ٤٨٨.
١٢٠ ـ التخريج : البيت لجميل بثينة في ديوانه ص ١٨٩ ؛ والأغاني ٨ / ٩٤ ؛ وأمالي القالي ١ / ٢٤٦ ؛ وخزانة الأدب ١٠ / ٢٠ ؛ والدرر ٤ / ٤٨ ، ١٩٩ ؛ وسمط اللآلي ص ٥٥٧ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢٣ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ٣٩٥ ، ٤٠٣ ؛ ولسان العرب ١١ / ١٢٠ (جلل) ؛ ومغني اللبيب ص ١٢١ ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٣٣٩ ؛ وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٣٧٨ ؛ والجنى الداني ص ٤٥٤ ، ٤٥٥ ؛ والخصائص ١ / ٣٨٥ ، ٣ / ١٥٠ ؛ ورصف المباني ص ١٥٦ ، ١٩١ ، ٢٥٤ ، ٥٢٨ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ص ١ / ١٣٣ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٣٠٠ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٣٧٣ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٢٧٤ ؛ وشرح المفصل ٣ / ٢٨ ، ٧٩ ، ٨ / ٥٢ ؛ ومغني اللبيب ص ١٣٦ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٣٧.
شرح المفردات : الرسم : بقيّة الدار أو غيرها بعد رحيل أهلها. الطلل : ما شخص من آثار الدار كالوتد والأثافي. أقضي : أموت. الجلل : الخطب العظيم. ـ