فأين عمرا» ، و «هذا زيد فأين عمرو» ، و «ضربت زيدا فهلّا عمرا» ، و «جاءك زيد فهلّا عمرو» ، وقالوا : فمجيء الاسم الذي بعد هذه الأدوات من الإعراب على حسب إعراب الاسم المتقدم دليل على أنها للعطف ، قلت : وهذا خطأ ، لأنها لو كانت للعطف لعطفت المخفوض على المخفوض لأنه لم يوجد من حروف العطف ما يعطف المرفوع والمنصوب ولا يعطف المخفوض. وهم يقولون : «ما مررت برجل فكيف بامرأة»؟ ولا يقولون : فكيف امرأة ، فدلّ ذلك على أنها ليست بعاطفة ، وأنّ ما بعدها إذا كان مرفوعا أو منصوبا محمول على إضمار فعل ، فكأنّك قلت : فكيف آكل شحما؟ وفكيف يعجبني عمرو؟ وفأين ألقى عمرا؟
وأما «فأين عمرو»؟ فعمرو مبتدأ و «أين» في موضع خبره ، فكأنّك قلت : فهلّا لقيت عمرا وفهلّا جاء عمرو» ؛ فإن قيل : فهلا قلت : فكيف امرأة ، على تقدير : فكيف مررت بامرأة؟ فالجواب : إنّ إضمار الخفض وإبقاء عمله لا يجوز كما تقدم إلا في ضرورة الشعر أو نادر الكلام.
ومما يدلّ على أنّ «كيف» ، و «هلّا» ، و «أين» ليست من حروف العطف دخول حرف العطف عليها وهو الفاء.
قال الأستاذ : والحروف المذكورة تنقسم قسمين ؛ قسم يشرك في اللفظ والمعنى ، وقسم يشرك في اللفظ لا في المعنى. فالذي يشرك في اللفظ والمعنى هو الواو ، والفاء ، وثمّ ، وحتى ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «قام القوم حتى زيد» ، و «قام زيد فعمرو ، أو ثمّ عمرو» ، فإنّ المعطوف في ذلك كله شريك المعطوف عليه في الإعراب والقيام؟
والحروف المشركة في اللفظ لا في المعنى ما بقي ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «قام زيد أو عمرو» أو «قام زيد لا عمرو» ، فإنّ القائم أحدهما والآخر ليس كذلك ، وكذلك سائر ما بقي.