هنا للتفصيل ، كأنه قال : بكيت على بجير تارة وعلى عفاق أخرى ، ثم فصل بـ «أو» بكاءه على بجير من بكائه على عفاق.
والمعنى الثاني : أن تكون بمنزلة «بل» ، واستدلوا بقوله [من الطويل] :
١٣٣ ـ بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى |
|
وصورتها أو أنت في العين أملح |
قالوا : معناه : بل أنت في العين أملح ، ولا مدخل للشك هنا ولا لغير ذلك من المعاني ، قلت : والصحيح أنّ «أو» هنا للشك ، ويكون المعنى أبدع ، كأنه قال : لإفراط شبهها بقرن الشمس : لا أدري هل هي مثلها أو أملح ، وإذا خرج التشبيه مخرج الشك كان فيه الدلالة على إفراط الشبه ، فيكون إذ ذاك مثل قول ذي الرمة [من الطويل] :
١٣٤ ـ فيا ظبية الوعساء بين جلاجل |
|
وبين النقا آأنت أم أمّ سالم |
ألا ترى أنّ قوله : «أأنت أم أمّ سالم» ، أبلغ من أن يقول : هي كأنّها أمّ سالم ، لأن الشك يقتضي إفراط الشبه حتى يلتبس أحد الشيئين بالآخر.
______________________
١٣٣ ـ التخريج : البيت لذي الرمة في ملحق ديوانه ص ١٨٥٧ ؛ والأزهيّة ص ١٢١ ؛ وخزانة الأدب ١١ / ٦٥ ـ ٦٧ ؛ والخصائص ٢ / ٤٥٨ ؛ ولسان العرب ١٤ / ٥٤ (أوا) ؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٢١٥.
اللغة : بدت : ظهرت. قرن الشمس : أولها عند طلوعها ، وقيل : هو أول شعاعها ، وقيل : ناحيتها. رونق الضحى : أوله.
المعنى : لقد ظهرت بجمال أخّاذ وكأنها شعاع شمس تشرق في أول الضحى ، وهي أجمل في العين وأبهى من ذلك.
الإعراب : «بدت» : فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ، والتاء تاء التأنيث الساكنة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هي». «مثل» : مفعول مطلق نائب عن المصدر منصوب بالفتحة الظاهرة. «قرن» : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. «الشمس» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «في رونق» : جار ومجرور متعلقان بحال محذوفة من «الشمس». «الضحى» : مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر. «وصورتها» : الواو عاطفة ، «صورتها» : اسم معطوف على (قرن) مجرور بالكسرة و «ها» : مضاف إليه. «أو» : حرف استئناف وإضراب بمعنى «بل». «أنت» : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. «في العين» : جار ومجرور متعلقان بالخبر (أملح). «أملح» : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
وجملة «بدت» : ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة «أنت أملح» : استئنافية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله : «أو أنت أملح» حيث جاءت «أو» بمعنى «بل».
١٣٤ ـ التخريج : البيت لذي الرمة في ديوانه ص ٧٦٧ ؛ وأدب الكاتب ص ٢٢٤ ؛ والأزهيّة ص ٣٦ ؛ والأغاني ١٧ / ٣٠٩ ؛ والخصائص ٢ / ٤٥٨ ؛ والدرر ٣ / ١٧ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٧٢٣ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٥٧ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٣٤٧ ؛ وشرح المفصل ١ / ٩٤ ، ٩ / ١١٩ ؛ والكتاب ٣ / ٥٥١ ؛