«يصلّي» ، فلم تحتج إلى تأكيد لطول الكلام بـ «عليكم» الذي هو معمول لـ «يصلّي» العامل في الضمير المعطوف عليه «الملائكة».
ومثال الفصل قوله تعالى : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) (١). فقوله : (وَلا آباؤُنا ،) معطوف على الضمير في «أشركنا» ، ولم يحتج إلى التأكيد للطول بـ «لا» التي بعد الواو ، وإنّما احتيج إلى التأكيد أو الطول لأنّهم كرهوا أن يكون المعطوف لم يتقدم له في الذكر ما يعطف عليه ، فجعلوا هذا التأكيد أو الطول عوضا من ذكر المعطوف عليه.
فإن قلت : إنّما يتصور هذا إذا كان الضمير مستترا في نحو : «زيد قام» ، فإنّك لو قلت : «زيد قام وعمرو» ، لم يكن في اللفظ ما يعطف عليه «عمرو».
وأما في مثل : «قمت وعمرو» ، فكان ينبغي أن لا يحتاج إلى تأكيد ولا لطول لتقدم المعطوف عليه في الذكر. فالجواب عن هذا شيئان :
أحدهما : أنّ الضمير المتّصل وإن كان بارزا في اللفظ فإنه قد تنزّل من الكلمة منزلة جزء منها ، بدليل أنه سكّن له آخر الفعل في مثل : «ضربت» هروبا من اجتماع أربعة أحرف متوالية التحريك ، وذلك لا يكره إلّا في كلمة واحدة.
والآخر : أنّه لما لزم التأكيد أو الطول في بعض المواضع حمل عليه سائر المواضع ، كما حذفوا الواو من «يعد» وأصله «يوعد» ، لاستثقال الواو بين ياء وكسرة ، ثم حذفوه في «أعد» و «نعد». حملا على الياء.
ولا يجوز العطف على ضمير الرفع المتصل من غير تأكيد ولا طول إلا في ضرورة الشعر (٢) ، نحو قوله [من الخفيف] :
١٣٨ ـ قلت إذ أقبلت وزهر تهادى |
|
كنعاج الملا تعسّفن رملا |
______________________
(١) الأنعام : ١٤٨.
(٢) جوّز الكوفيّون ذلك في الاختيار. انظر المسألة السادسة والستين في الإنصاف في مسائل الخلاف ص ٤٧٤ ـ ٤٧٨.
١٣٨ ـ التخريج : البيت لعمر بن أبي ربيعة في ملحق ديوانه ص ٤٩٨ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٠١ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٦٥٨ ؛ وشرح المفصل ٣ / ٧٦ ؛ واللمع ص ١٨٤ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ١٦١ ؛ وبلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٧٩ ؛ والخصائص ٢ / ٣٨٦ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٤٢٩ ؛ والكتاب ٢ / ٣٧٩.