قوله : فالاسم ما جاز أن يكون فاعلا أو مفعولا أو دخل عليه حرف من حروف الجر ، بيّن قصده بذلك أن يحدّ الاسم ، لأنّ الاسم أمر مفرد والمفرد لا يعرف إلّا بالحدّ ، وهذا الحدّ الذي حدّ به الاسم فاسد ، لأنّه ليس بجامع ، ومن شرط الحدّ أن يكون جامعا لأنواع المحدود حتى لا يشذّ منها شيء ، مانعا لما هو من غير المحدود أن يختلط بالمحدود ، والدليل على أنّه ليس بجامع أن «ايمن» التي [هي] في مذهبنا اسم مفرد لا تستعمل إلا في القسم مبتدأة ولا يدخل عليها حرف الجرّ ولا تكون فاعلة ولا مفعولة.
ولا مطعن في هذا الحد بأكثر من «ايمن» ، فأما من رأى أنه يخرج عن هذا الحد الأسماء المختصة بالنداء ، نحو : «هناه» و «لكاع» و «فساق» وأخواتها ، والأسماء التي التزم فيها النصب على المصدرية والظرفية ولم تتصرّف نحو : «سبحان الله» ، و «معاذ الله» ، و «سحر» و «بعيدات بين» ، و «أين» ، و «متى» ، والأسماء التي للشرط والاستفهام ، و «لعمر الله» ، و «عوض» و «جير» ، فما ذهب إليه فاسد.
أما أسماء الشرط والاستفهام فإنّه امتنع فيها أن تكون فاعلة ، لكون الاستفهام والشرط أخذا صدر الكلام ، وأما المفعولية ودخول حرف الجر فسائغ فيها ، وحدّ أبي القاسم لا يقتضي أنّه يلزم في الاسم اجتماع الأوصاف الثلاثة ، لأنه أتى فيها بلفظ «أو».
وأما المنادى فمفعول بإضمار فعل لا يجوز إظهاره في مذهبنا ، فهو داخل تحت الحد. وكذلك الأسماء التي انتصبت على المصدر أو الظرف ولزم ذلك فيها ، لأنّ المصدر يسمّى مفعولا مطلقا ، أعني : يقال فيه مفعول ولا يقيّد بشيء ، وكذلك الظرف يسمى مفعولا فيه ، وأبو القاسم إنّما حدّ الاسم بأنّه ما جاز. أن يكون مفعولا على الإطلاق. أيّ مفعول كان.
وأمّا «لعمر الله» ، فالعمر هو البقاء ، وهو يجوز أن يكون فاعلا ومفعولا ، وأن يدخل عليه حرف من حروف الجرّ. تقول : «سرّني عمرك» ، و «أحببت عمرك» ، و «انتفعت بعمرك» ، وإنّما لزم الابتداء ولم يتصرّف في القسم ، والمستعمل في القسم هو المستعمل في غيره.