متصوّر في البيت بدليل قوله بعد : «كلتاهما قد قرنت بزائدة».
والدليل الثاني : أنّهما لو كانا مثنيين لم تجز إضافتهما إلى اثنين فتقول : «كلا الرجلين» ، لئلا تكون قد أضفت الشيء إلى نفسه من غير مسوّغ ، وإنّما سوّغ ذلك عندنا كون «كلا» و «كلتا» مفردين في اللفظ وما بعدهما مثنى ، فلما خالفا ما بعدهما بهذا القدر من المخالفة ساغت الإضافة ، ألا ترى أنّه لا يجوز : «اثنا رجلين» في ضرورة ولا في فصيح كلام ، وقد جاء في الشعر مثل قوله [من الرجز] :
* ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل (١) *
لما لم يكن «حنظل» مثنّى اللفظ وإن كان إنّما يغني عن حنظلتين.
والدليل الثالث : كون العرب تجعلهما في حال إضافتهما إلى الظاهر بالألف في جميع الأحوال من رفع ونصب وخفض ، ولو كانا مثنيين لكانا بالألف في الرفع وبالياء في النصب والخفض.
فإن قيل : فلعل ذلك على لغة من يقول : الزيدان ، بالألف في الأحوال كلها فالجواب : إنّ ذلك إنما هي لغة لبعض العرب وأكثر ما يوجد ذلك في خثعم وهي فخذ من طيّىء وجميع العرب تستعمل «كلا» و «كلتا» بالألف في كل حال إذا أضيف إلى الظاهر ولم تستعمل بالياء في النصب والخفض في حال من الأحوال ، فدلّ ذلك على أنهما ليسا بمثنيين.
والدليل الرابع : كون العرب تخبر عنهما إخبار المفرد ، قال الله تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها) (٢). ولم يقل «آتتا» ، ولو كانا مشيين لم يخبر عنهما بالمفرد ، ألا ترى أنّك لا تقول : «الهندان قامت والزيدان قام».
فإن قيل : لا حجّة في ذلك لأنّ العرب قد تخبر عن الاثنين إخبار المفرد ، قال
______________________
ـ والجملة الفعلية «قد قرنت» في محل رفع خبر لـ «كلتاهما».
والشاهد فيه قوله : «في كلت» حيث وردت مفردة ، فدلّ على أن «كلتا» تثنية كما يرى الكوفيون.
(١) تقدم بالرقم ٤٣.
(٢) الكهف : ٣٣.