ولا تجري أحدها على الآخر ، فتقول : «هذا قيس قفّة وهذا سعيد كرز» ، ولا يجوز : قيس قفة ولا سعيد كرز.
وسبب ذلك أنّ العرب قد تضع للمسمّى الواحد اسمين مضافين ، نحو : «عبد الله وأبي محمد» ، أو اسمين : أحدهما مفرد والآخر مضاف ، نحو : «محمد وأبي بكر» ، ولم يضعوا قط لمسمى واحد اسمين مفردين ، فلذلك إذا اجتمع اللقب والاسم العلم المفرد ، أضافوا أحدهما إلى الآخر ، وكان المضاف الاسم لأنّ اللقب أشهر ، وباب الإضافة أن يضاف فيه الاسم الأعمّ إلى الأخصّ ، نحو : «غلام زيد».
وقد يجوز استعمال عطف البيان في سائر المعارف ، ولذلك أجاز النحويون في مثل : «مررت بهذا الرجل» ، أن يكون الرجل نعتا وعطف بيان.
فمن حمله على عطف البيان فسبب ذلك جموده ، ومن جعله نعتا لحظ فيه معنى الاشتقاق وجعل قوله : «الرجل» ، بعد «هذا» بمنزلة الحاضر المشار إليه. فإن قيل : فقد زعمت أنّ عطف البيان أخصّ من النعت ، وقد أجزت في «الرجل» وهو معرّف بالألف واللام أن يكون عطف بيان على «هذا» ، والمشار أعرف مما فيه الألف واللام ، فالجواب : إنّ الألف واللام لمّا كانت للحضور ساوى المعرّف بها المشار في التعريف وزاد عليه بأن المشار لا يعطي جنس المشار إليه والرجل يعطي فيه الألف واللام الحضور ، ويعطي أنّ الحاضر من جنس الرجال ، فصار المشار إليه إذن أعرف من «هذا».
فإن قيل : فإذا قدّرته أعرف من «هذا» ، فكيف أجزت أن يكون نعته ، والنعت لا يكون أعرف من المنعوت؟ فالجواب : إنّك إذا قدّرته نعتا ، فلا بد أن تكون الألف واللام للعهد كما تقدّم في بيان معنى النعت ، وكأنّك قلت : «مررت بهذا الرجل» ، وهو الرجل الذي بيني وبينك فيه العهد ، ولا تجعل الألف واللام على ذلك إذا قدّرته عطف بيان بل تجعلها للحضور ، وهذا الذي ذكرته هو معنى كلام سيبويه.