قبل ذلك. وأيضا فإن المصادر لا يلزمها أن تكون مؤكّدة بل إنما يكون ذلك فيها إذا انتصبت بعد أفعالها.
واستدلوا أيضا بأن المصدر يعتلّ باعتلال الفعل ويصح بصحته نحو : «قيام» اعتلت فقلبت واوه ياء والأصل : «قوام» ، كما اعتل «قام» ، وصح «اجتوار» لصحة «اجتور» ، والفروع أبدا هي المحمولة على الأصول.
ولا حجة في ذلك ، لأنّ الأصل قد يحمل على الفرع فيما هو أصل في الفرع وفرع في الأصل ، ألا ترى أنّ الأسماء تحمل على الحروف فتبنى وإن كانت الأسماء قبلها ، لأنّ البناء أصل في الحروف فكذلك المصادر حملت على الأفعال وإن كان المصدر قبله ، لأنّ الاعتلال أصل في الفعل.
واستدلّوا أيضا بأنّه قد وجدت أفعال ولا مصادر لها ، نحو فعل التعجب و «نعم» و «بئس» ، فلو كان الفعل مشتقا من المصدر ، لوجب أن لا يوجد فعل إلّا وله مصدر. وهذا لا حجة لهم فيه ، لأن العرب قد وجدناها ترفض الأصول وتستعمل الفروع ، نحو : «كاد زيد يقوم» ، «يفعل» منه في موضع الاسم ولا يستعمل الاسم خبرا لكاد إلّا في موضع الضرورة. ومثل ذلك كثير.
ويلزمهم في مقابلة هذا ما وجد من المصادر ولم يستعمل له فعل ، نحو : الرجولة والأبوّة والأمومة ، فلو كان المصدر مأخوذا من الفعل على زعمهم للزم أن لا يوجد مصدر إلّا وله فعل مستعمل.
وأيضا فإنهم راموا إثبات كون المصدر بعد الفعل ، ولو ثبت لهم ذلك لم يلزم عليه أكثر من إبطال أن يكون الفعل مشتقا منه ، وبقي عليهم أن يثبتوا أن المصدر مشتق من الفعل ، إذ لا يلزم من كون المصدر بعد الفعل أن يكون مشتقّا منه ، بل لعلّه أصل في نفسه غير مشتق.
وذهب أهل البصرة إلى أنّ الفعل مشتقّ من المصدر. واستدلوا على ذلك بأنّ الفعل خاص بالزمان ، والمصدر مبهم والمبهم قبل الخاص ، فالمصدر قبل الفعل والبعدي مأخوذ من القبليّ ، فالفعل مأخوذ من المصدر.
واستدلوا أيضا بأنّ المصدر مبهم الأبنية كثيرها ، فلو كان مشتقّا من الفعل لكان يجري على أوزان محصورة لا يتعداها كاسم الفاعل واسم المفعول المشتقين من الفعل ، فلما كثرت أبنيته وانتشرت ، دلّ ذلك على أنّه اسم أوّل وأنّ الفعل هو الذي اشتق منه.
واستدلّوا أيضا بأنّ المصدر من جنس الأسماء ، والأسماء قبل الأفعال ، فالمصدر قبل