الفعل والبعديّ مأخوذ من القبلي ، فالفعل مأخوذ من المصدر.
والصحيح أن هذه الأدلة الثلاثة غير كافية في إثبات أنّ الفعل مشتق من المصدر إذ لا يثبت أكثر من أن المصدر قبل الفعل وأصل بنفسه ، وإذا كان أصلا في نفسه أو كان قبل الفعل ، لم يلزم أن يكون الفعل مشتقّا من المصدر. لكن الدليل القاطع أن يقال : استقرئت المشتقّات ، فوجدت تدل على ما اشتقّت منه وزيادة وتلك الزيادة تعني فائدة الاشتقاق ، نحو : أحمر ، مشتق من الحمرة ويزيد على ذلك بالشخص ، وكذلك «ضارب» و «مضروب» يدلان على الضرب مع زيادة الشخص ، والأفعال تدل على المصدر مع زيادة الزمان ، فدل ذلك على أنّها مشتقة منه.
[٥ ـ تعريف الحرف] :
قوله : «والحرف ما دل على معنى في غيره» ، ليس بحد صحيح للحرف ، لأنّه ليس بمانع ، لأن الأسماء قد تدلّ على معنى في غيرها ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «قبضت بعض الدراهم» ، أدت «بعض» من المعنى في «الدراهم» ما تؤدّيه «من» إذا قلت : من الدراهم ، فلا بد أن يقول في حد الحرف : كلمة تدل على معنى في غيرها ولا تدل على معنى في نفسها ، وحينئذ لا تدخل عليه الأسماء ، لأن الأسماء وإن دلّت على معنى في غيرها فهي مع ذلك دالّة على معنى في نفسها ، ويسلم الحدّ أيضا من إدخال «ما» فيه.