أو تتقدمها أداة استفهام ، نحو قولك : «أرجل في الدار أم امرأة»؟ أو أداة نفي ، نحو : «ما أحد قائم» ؛ أو تكون النكرة في معنى الدعاء ، نحو قوله : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) (١). أي : سلام الله على آل ياسين ؛ أو يكون في الكلام معنى التعجب ، نحو : «ما أحسن زيدا» ، في مذهب سيبويه ، و «عجب لزيد».
أو يكون الكلام بها في معنى كلام آخر ، وذلك لا يحفظ إلّا في : «شرّ أهرّ ذا ناب» (٢) ، و «شيء ما جاء بك» ، لأنّ المعنى : ما أهرّ ذا ناب إلّا شرّ ، وما جاء بك إلّا شيء ، أو تكون النكرة عامّة ، نحو قوله تعالى : (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (٣). أو يتقدّمها خبرها بشرط أن يكون ظرفا أو مجرورا ، نحو قولك : «في الدار رجل» ، و «عندك امرأة» ، أو تكون النكرة في جواب من سأل بالهمزة و «أم» ، نحو قوله : «رجل» ، في جواب من قال : «أرجل عندك أم امرأة»؟ وذلك أنّ الجواب هنا لا يكون إلا بأحد الاسمين.
وزاد أهل الكوفة في شروط الابتداء بالنكرة أن تكون خلفا من موصوفها ، أي : صفة في الأصل قد خلفت موصوفها ، نحو : «مؤمن خير من مشرك» ، لأنّه في معنى : عبد مؤمن خير من عبد مشرك.
وزاد الأخفش في شروط الابتداء بالنكرة أن تكون في معنى الفعل ، نحو : «قائم زيد» ، على أن يكون قائم «مبتدأ» و «زيد» فاعل وقد سدّ الفاعل مسدّ الخبر. ويكون على هذا مفردا على كلّ حال ، فتقول : «قائم الزيدان» ، و «قائم الزيدون». ويستدلّ على ذلك بقراءة من قرأ : ودانية عليهم ظلالها (٤) ، برفع التاء. فـ «دانية» عنده مبتدأ و «ظلالها» فاعل به وقد سدّ مسدّ خبره.
وذلك لا دليل فيه ، لاحتمال أن تكون «دانية» خبرا مقدما و «ظلالها» مبتدأ. وهو أيضا في القياس غير صحيح ، لأنّ اسم الفاعل إذا ثبت أنّه أجري مجرى الفعل في عمله فلا يلزم
______________________
(١) الصافات : ١٣٠.
(٢) هذا القول من أمثال العرب ، وقد ورد في خزانة الأدب ٤ / ٤٦٩ ، ٩ / ٢٦٢ ؛ وزهر الأكم ٣ / ٢٢٩ ؛ ولسان العرب ٥ / ٢٦١ (هرر) ؛ والمستقصى ٢ / ١٣٠ ؛ ومجمع الأمثال ١ / ٣٧٠. وذو الناب : الكلب.
وأهرّ الكلب : جعله يهرّ ، أي : جعله يصوّت دون أن ينبح. يضرب عند ظهور أمارات الشرّ.
(٣) الروم : ٣٢.
(٤) الدهر : ١٤.