كان معنى «لم يحوّل» مفهوما منه ، ألا ترى أنّ معنى «عندنا» ومعنى «لم يحوّل» واحد.
كذلك ينبغي أن يزاد في شروط الابتداء بالنكرة أن تكون النكرة لا تراد بعينها ، نحو : «رجل خير من امرأة» ، تريد : رجل واحد من هذا الجنس ، أي : واحد من جنس الرجال هو خير من كلّ واحد من جنس النساء ، إلّا أنّ معناه يؤول إلى العموم ، إلّا أنّه يخالف العموم في أنّه يدلّ على كلّ واحد من جهة البدل أعني أنّه لا يتناول الجميع في دفعة واحدة ، و «كلّ» يتناول الجميع دفعة واحدة.
ولا يجوز الابتداء بالنكرة من غير شرط من هذه الشروط أصلا ، ولا في ضرورة ، لأنّ الابتداء بالنكرة إنّما امتنع لأنّه غير مفيد ، وهو بالإضافة إلى الكلام والشعر واحد ، وأمّا قوله [من المتقارب] :
٢٢٨ ـ مرسّعة بين أرساغه |
|
به عسم يبتغي أرنبا |
فإنّما جاز ذلك لأنّ النكرة هاهنا لا تراد لعينها ، ألا ترى أنّه لا يريد مرسّعة دون مرسّعة. بخلاف قوله : «رجل قائم» ألا ترى أنّ «رجلا» هاهنا لا يقع إلا على الذي يقع منه
______________________
٢٢٨ ـ التخريج : البيت لامرىء القيس في ديوانه ص ١٢٨ ؛ وإنباه الرواة ٤ / ١٧٤ ؛ ولسان العرب ٨ / ١٢٣ ، ١٢٤ (رسع) ، ٨ / ٣١٨ (لسع) ، ١٢ / ٤٠١ (عسم) ، ؛ ومجالس ثعلب ١ / ١٠٢ ؛ والمعاني الكبير ص ٢١١ ؛ وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ص ٧٣ ؛ وشرح الأشموني ص ٩٨ ؛ وشرح المفصل ١ / ٣٦.
اللغة : المرسّعة : التعويذة التي تعلّق بين الكوع والكرسوع مخافة العطب. الرسغ : المفصل بين الكفّ والساعد. العسم : اليبس أو الاعوجاج في الرسغ.
المعنى : يخاطب الشاعر في بيت سابق أخته ، ويطلب منها أن لا تتزوّج رجلا جبانا ، يضع التعاويذ خوف العطب ، ويقعد عن الحروب ، وفي رسغه يبس ، يبحث عن الأرانب ليتّخذ من كعابها تمائم. لأنّ العرب كانت تزعم أنّ كعاب الأرانب تبعد أذيّة السحرة والجنّ.
الإعراب : «مرسّعة» : مبتدأ مرفوع. «بين» : ظرف مكان منصوب ، متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ ، وهو مضاف. «أرساغه» : مضاف إليه مجرور ، وهو مضاف ، والهاء ضمير متّصل في محلّ جرّ بالإضافة. «به» : جار ومجرور متعلّقان بخبر المبتدأ المحذوف. «عسم» : مبتدأ مؤخّر مرفوع. «يبتغي» : فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «هو». «أرنبا» : مفعول به منصوب بالفتحة.
وجملة : «مرسّعة بين أرساغه» في محلّ نصب نعت «بوهة» في البيت السابق. وجملة «به عسم» في محل نصب نعت «بوهة». وجملة «يبتغي أرنبا» في محلّ نصب نعت «بوهة».
الشاهد فيه قوله : «مرسّعة» حيث أتت مبتدأ وهي نكرة ، وذلك لأنّها مبهمة.