إلى المبتدأ الأول. ولا تحتاج في هذه المسائل إلى ذكر ضمائر بعد الآخر لاقتران كلّ مبتدأ بضمير يعود على المبتدأ الذي قبله ، وذلك نحو قولك : «زيد عمه خاله أخوه أبوه قائم» ، فـ «أبوه» مبتدأ و «قائم» خبره ، والجملة في موضع خبر «الأخ» ، و «الأخ» وخبره في موضع خبر «الخال» ، و «الخال» وخبره في موضع خبر «العمّ» ، و «العمّ» وخبره في موضع خبر «زيد». وكلّ جملة من هذه الجمل فيها ضمير يعود على المبتدأ الذي وقعت خبرا له ، وهو الضمير المضاف إليه المبتدأ.
وتلخيص هذا النوع من المسائل أنّ تضيف المبتدأ الآخر إلى الذي قبله ، والذي قبله إلى الذي قبله إلى أن تنتهي إلى المبتدأ الأول ، ثم تأتي بعد ذلك بالخبر. فإن قيل لك : ما معنى : «زيد عمّه خاله أخوه أبوه قائم»؟ فقل : معنى ذلك : أبو أخي خال عمّ زيد قائم ، وكذلك تفعل بهذا النوع من المسائل وإن طالت.
واعلم أنّ المبتدأ لا يقتضي أزيد من خبر واحد إلّا بالعطف ، نحو قولك : «زيد راكب وضاحك» إلّا أن تريد أنّ الخبر مجموعهما لا كلّ واحد منهما على انفراده ، فيكون معنى قولك : «زيد ضاحك راكب» ، جامع للضحك والركوب في حين واحد ، فلا تحتاج إلى عطف لأنّهما خبران في اللفظ ، وبالنظر إلى المعنى خبر واحد ، فمن ذلك قول العرب : حلو حامض ، ألا ترى أن قولك : «حلو حامض» ، نائب مناب «مزّ» ، حتى كأنّك قلت : «هذا مزّ». ومن ذلك قوله [من الطويل] :
ينام بإحدى مقلتيه ويتّقي |
|
المنايا بأخرى فهو يقظان هاجع (١) |
كأنه قال : فهو خبيث متحرّز ، أي : فهو جامع للنوم واليقظة في حين واحد. ومن ذلك قول الآخر [من الرجز] :
٢٣٧ ـ من يك ذا بتّ فهذا بتّي |
|
مقيّظ مصيّف مشتّي |
______________________
(١) تقدم بالرقم : ٦٦.
٢٣٧ ـ التخريج : الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٨٩ ؛ وجمهرة اللغة ص ٦٢ ؛ والدرر ٢ / ٣٣ ؛ والمقاصد النحوية ١ / ٥٦١ ؛ وبلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٧٢٥ ؛ وتخليص الشواهد ص ٢١٤ ؛ والدرر ـ