و «قعدت» ، و «ليس» ، و «ما دام».
أما «جاء» ، و «قعد» فإنّهما لا يستعملان إلّا كما سمعا لما تقدّم من أنّ الكلام الذي استعملتا فيه جرى مجرى المثل ، فلا يغيّر عما وضع له.
وأما «ليس» فلأنّها للنفي فكرهوا لذلك دخول أداة النفي عليها.
وأما «ما دام» فلأنّها دخلت عليها «ما» المصدريّة ، و «ما» المصدريّة لا تدخل عليها أداة النفي لأنّها تتقدّر مع ما بعدها بالمصدر وهو مفرد ، و «ما» النافية لا تدخل إلّا على جملة لا على مفرد.
وقسم يلزم أداة النفي إمّا ملفوظا بها وإمّا مقدّرة ، وهي «ما زال» ، و «ما انفك» ، و «ما فتىء» ، فلا تقول : «زال زيد قائما» ، ولا «انفكّ عبد الله خارجا» ، ولا «فتىء محمّد ضاحكا» ، وأنت تريد الإيجاب ، فإن قدّرت فيه حرف نفي محذوفا لم يجز ذلك إلّا في ضرورة شعر ، نحو قوله [من الطويل] :
٢٤٨ ـ لعمر أبي عفراء زالت عزيزة |
|
على قومها ما فتّل الزند قادح |
يريد : ما زالت عزيزة. ولا يجوز حذف حرف النفي قياسا إلّا إذا كان الفعل مضارعا
______________________
٢٤٨ ـ التخريج : البيت لتميم بن مقبل في ملحق ديوانه ص ٣٥٨ ؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٢٨٧ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٢٣٧ ، ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، ٢٤٣ ، ١٠ / ١٠٠ ، ١٠١ ؛ والدرر ٦ / ٢١٧ ؛ وشرح شواهد المغني ص ٨٢٠ ؛ والمقرب ١ / ٩٤ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٥٦.
اللغة : أبي عفراء : والد فتاة تدعى عفراء. الزند : الخشبة العليا التي تحك لقدح النار.
المعنى : أقسم بحياة والد عفراء إن ابنته ما زالت عزيزة على مر الزمان.
الإعراب : لعمر : «اللام» : حرف ابتداء وقسم ، «عمر» : مبتدأ مرفوع. أبي : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة. والخبر محذوف تقديره قسمي. عفراء : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة لأنه ممنوع من الصرف. زالت : فعل ماض ناقص مبني على الفتح ، وتاء التأنيث لا محل لها ، واسم (زال) ضمير مستتر تقديره هي. عزيزة : خبر (زال) منصوب بالفتحة. على قومها : جار ومجرور متعلقان بـ «عزيزة». ما : حرف مصدري زماني. فتّل : فعل ماض مبني على الفتح. والمصدر المؤول من «ما» وما بعدها في محل نصب على الظرفية الزمانية. الزند : مفعول به منصوب بالفتحة. قادح : فاعل مؤخر مرفوع بالضمة.
وجملة «لعمر أبي عفراء قسمي» : ابتدائية لا محل لها.
والشاهد فيه قوله : «زالت عزيزة» حيث حذف حرف النفي ، ضرورة.