الشيء من حالة إلى حالة أخرى لم يكن عليها ، فتقول : «صار زيد عالما» ، أي : انتقل عن الجهل إلى العلم.
وأمّا «قعد» و «جاء» فتكونان تامّتين وناقصتين ، فإن كانتا تامّتين كانت «قعد» بمعنى «جلس» و «جاء» بمعنى «أتى» ، وإن كانتا ناقصتين كانتا بمعنى «صار». إلا أنهما لم يستعملا كذلك إلّا في الموضع الذي سمعتا فيه. وقولهم : «شحذ شفرته حتّى قعدت كأنّها حربة» ، أي : صارت ؛ وأمّا «فلان قعد يتهكّم بعرض فلان». فقد تقدّمت الدلالة على أنّها زائدة. وقولهم : «ما جاءت حاجتك» ، روي برفع «الحاجة» ونصبها ، فمن رفع «الحاجة» جعلها اسم «جاءت» ، ومن نصب «الحاجة» جعلها خبر «جاءت» ، وجعل في «جاءت» ضمير مؤنث عائدا على «ما» على معناها ، لأنّها واقعة على «جاءت الحاجة» ، كأنه قال : أيّة الحاجة جاءت حاجتك؟ أي : صارت هي حاجتك. فإن قيل : فهل يجوز : «ما جاء حاجتك» ، على لفظ «ما» لأنّ لفظها مذكّر؟ فالجواب : إنّ هذا كلام جرى مجرى المثل ، فلا يغيّر عما سمع عليه.
وأما «ظلّ» و «بات» فتكونان تامتين وناقصتين ، فإن كانتا تامتين كانت «ظلّ» تدل على إقامة الفاعل نهاره ، و «بات» على إقامة الفاعل ليله ، وإن كانتا ناقصتين جاز أن يكون فيهما ضمير أمر وشأن وأن لا يكون فيهما كما تقدم في أخواتهما ، وتكون «ظلّ» للدلالة على وقوع مضمون الجملة في النهار ، و «بات» للدلالة على وقوع مضمون الجملة في الليل ، فتقول : «ظلّ زيد قائما» ، أي : وقع قيامه في النهار ، و «بات زيد ضاحكا» ، أي : وقع ضحكه في الليل.
وقد يكونان بمعنى «صار» ، ومنه قوله تعالى : (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) (١). أي : صار وجهه مسودا. وقد حمل قوله عليهالسلام : «فإنّ أحدكم لا يدري أين باتت يده» على ذلك ، أي : صارت يده.
وأما «ما زال» و «ما انفك» و «ما فتىء» و «ما برح» فتستعمل تامة وناقصة ، فتكون
______________________
(١) الزخرف : ١٧.