تامة للدلالة على عدم انتقال الفاعل عن أمر ما فتقول : ما زال زيد عن وطنه. وما زال عمرو عن الضحك ، وكذلك باقي أخواتها.
وزعم بعض نظار النحويين أنّ ما برح تدل على نفي انتقال الفاعل عن مكانه ، فإذا قلت «ما برح» ، فمعناه عنده : ما انتقل زيد عن المكان الذي كان فيه ، واستدلّ على ذلك بأنّ «برح» مشتقّ من البراح الذي هو اسم المكان ، فكأنك إذا قلت : «ما برح زيد» ، أردت : ما زال زيد عن البراح الذي كان فيه.
وهذا الذي ذهب إليه فاسد ، بدليل قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) (١). ألا ترى أنّ من المحال أن يريد : لا أزال عن مكاني حتى أبلغ مجمع البحرين ، لأنّه معلوم أنّه ما دام في مكانه لا يبلغ مجمع البحرين ، فدلّ ذلك على أنّ «برح» بمعنى «زال» ، وأنّها غير مشتقة من «البراح» الذي هو المكان.
وأما «ما دام» فتستعمل أيضا تامة وناقصة ، فإن كانت تامة دلت على اتصال ما قبلها مدّة بقاء الفاعل ، نحو : «أقوم ما دام زيد» ، أي : يتصل قيامي مدة بقاء زيد. وإن كانت ناقصة فإنها قد يكون فيها ضمير الأمر والشأن ، وقد لا يكون. وتدل في الحالتين على اتصال ما قبلها مدة بقاء الصفة للموصوف ، فتقول : «أقوم ما دام زيد ضاحكا» ، أي : مدّة بقاء الضحك صفة لـ «زيد».
وأما «ليس» فلا تكون إلّا ناقصة ، وقد يكون فيها ضمير الأمر والشأن وقد لا يكون ، وهي في الحالتين لنفي الخبر. فإن كان الخبر مختصا بزمان ، نفته على حسب ما هو عليه من الاختصاص ، وإن كان محتملا للحال والاستقبال خلّصته للحال ، فتقول : «ليس زيد قائما الآن» ، و «ليس زيد قائما غدا» ، وإذا قلت : «ليس زيد قائما» ، فإنّما نفيت القيام عن «زيد» في الحال.
______________________
(١) الكهف : ٦٠