فأما : «إنّ زيدا قام» ، وأمثاله ، فلا تدخل اللام فيه على الماضي لأنّه ليس المبتدأ في المعنى ولا يشبه ما هو المبتدأ في المعنى.
وقالوا أيضا : «إنّ في الدار لزيدا قائم» ، لأنّ هذه اللام كان حقها أن تدخل على الاسم وإنّما منعها من ذلك كراهية الجمع بين حرفين مؤكّدين ، فلما فصل الخبر هنا بين «إنّ» واسمها جاز دخول اللام على الاسم.
وقالوا أيضا : «إنّ زيدا لفي الدار قائم» ، لأنّ «في الدار» من كمال الخبر ، فإذا دخلت اللام على معمول وقد تقدم على الخبر ، كانت اللام داخلة على الخبر بتمامه.
وأما : «إنّ زيدا لفي الدار لقائم» ، فأجاز ذلك المبرد على أن يكون أعاد اللام توكيدا ، ومنع من ذلك الزجاج وهو الصحيح ، لأنّ الحرف إذا أكّد فإنما يعاد مع ما دخل عليه أو مع ضميره ، نحو قوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها) (١). ولا يعاد من غير إعادة ما دخل عليه إلّا في ضرورة شعر ، نحو قوله [من الوافر] :
فلا والله لا يلفى لما بي |
|
ولا للما بهم أبدا دواء (٢) |
فإذا أعيدت اللام توكيدا في مثل : «إنّ زيدا لفي الدار قائم» ، فينبغي أن يقال : «إنّ زيدا لفي الدار قائم لفي الدار قائم» ، فأما قوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) (٣). فاللام الأولى لام «إنّ» ، واللام الثانية جواب لقسم محذوف كأنه قال في التقدير : لمّا والله ليوفّينّهم ربك أعمالهم.
وأجاز بعض النحويين دخول اللام على «إنّ» إذا أبدل من همزتها الهاء ، فتقول : «لهنّك قائم» ، وكأنّ الذي سهل ذلك زوال لفظ «إنّ» ، فكأنها ليست في الكلام. قال الشاعر [من الطويل] :
٢٩١ ـ ألا يا سنا برق على قلل الحمى |
|
لهنّك من برق عليّ كريم |
______________________
(١) هود : ١٠٨.
(٢) تقدم بالرقم ١٦٦.
(٣) هود : ١١١.
٢٩١ ـ التخريج : البيت لمحمد بن سلمة في لسان العرب ١٣ / ٣٩٣ (لهن) ، ١٥ / ١٧٣ (قذى) ؛ ولرجل من بني نمير في خزانة الأدب ١٠ / ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، ٣٥١ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٤٤ ؛ ـ