يجوز فيها الإلغاء والإعمال ، نحو ، «ليتما زيدا قائم» ، و «لعلّما زيدا قائم» ، و «كأنما زيدا قائم» ، برفع «زيد» ونصبه في جميع ذلك ، ولا يجوز فيما عداها إلّا الإلغاء ، وهو مذهب أبي بكر وأبي إسحاق. ومنهم من ذهب إلى أن «ليت» وحدها يجوز فيها الإلغاء والإعمال ، فتقول : «ليتما زيدا قائم» ، و «ليتما زيد قائم» ، وما عداها لا يجوز فيها إلّا الإلغاء ، وهو مذهب الأخفش. وذلك أنّه لم يسمع الإلغاء والإعمال إلّا في «ليت» وحدها. وقد روي بيت النابغة [من البسيط] :
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا |
|
إلى حمامتنا ونصفه فقد (١) |
برفع «الحمام» ونصبه. وما عدا ذلك لم يسمع فيه إعمال.
فأما الزجاجي ومن أخذ بمذهبه فقاس على «ليت» سائر أخواتها. وأما أبو بكر بن السراج وأبو إسحاق ومن أخذ بمذهبهما فقاسوا على «ليت» أشبه أخواتها بها وهما «لعلّ» و «كأنّ» ، وذلك أنّهما غيّرا معنى الابتداء بما أحدثا في الكلام من معنى التشبيه والترجّي والتمنّي كما أحدث «ليت» في الكلام معنى التمني. وأما الأخفش فحجّته القياس والسماع ، أما السماع فإنّه لا يحفظ إلّا في «ليت» باتفاق من النحويين إلّا ما يعطيه ظاهر كلام أبي القاسم في باب حروف الابتداء ، فإنه قال : ومن العرب من يقول : «إنّما زيدا قائم» ، و «لعلّما بكرا قائم» ، فيلغي «ما» وينصب. وكذلك سائر أخواتها.
والذي ينبغي أن يحمل عليه ذلك أنّه لما اقتضى القياس عنده ذلك نسبه إلى العرب ، ألا ترى أنه يجوز لك أن تقول : العرب ترفع كل فاعل ، وإن كنت إنّما سمعت الرفع في بعض الفاعلين ، لما اقتضى القياس عندك ذلك.
وأما القياس فإنّ هذه الحروف إنّما كان عملها بالاختصاص ، وإذا لحقها «ما» فارقها الاختصاص ، فينبغي ألا تعمل إلّا «ليت» فإنها تبقى على اختصاصها ، والدليل على مفارقتها للاختصاص قوله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (٢). فأولاها الفعل. وكذلك
______________________
(١) تقدم بالرقم ١٥٣.
(٢) فاطر : ٢٨.