وانفردت بالنداء ، لأنّ المنادى مفعول بإضمار فعل ، والفعل لا يكون مفعولا فلا يكون منادى ، وإن وجد حرف النداء قد دخل على ما لا يصحّ نداؤه كالفعل والحرف فللنحويين في ذلك قولان :
منهم من ذهب إلى أنّ المنادى محذوف ، ومنهم من ذهب إلى أنّ الحرف للتنبيه لا للنداء ، وهو الأحسن ، لأنّه لو حمل على حذف المنادى لأدّى ذلك إلى إخلال كثير ، لأنّ المنادى قد كان حذف العامل فيه ، فلو حذف لكانت الجملة قد حذفت ولم يبق منها سوى حرف النداء. فمثال دخوله على الفعل قول الشاعر [من الطويل] :
١٩ ـ ألا يا اسقياني قبل غارة سنجال |
|
[وقبل منايا عاديات وآجال] |
______________________
ـ المعنى : يتعجب من حسن النسوة الصغار مشبّها إيّاهنّ بالغزلان الصغار وقد استغنت عن أمّهاتها بأكل الضال والسمر.
الإعراب : «يا» : حرف تنبيه. «ما» : نكرة تامة بمعنى شيء مبنية في محلّ رفع مبتدأ. «أميلح» : فعل ماض جامد لإنشاء التعجب مبني على الفتح ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هنّ). «غزلانا» : مفعول به منصوب بالفتحة. «شدنّ» : فعل ماض مبني على السكون الظاهر على النون الأولى ، و «النون» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. «لنا» : «اللام» : حرف جر ، «نا» : ضمير متصل في محلّ جرّ بحرف الجر ، متعلّقان بـ «شدنّ». «من هؤليائكنّ» : جار ومجرور متعلّقان بمحذوف صفة لـ «غزلانا» ، و «كن» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. «الضال» : صفة مجرور بالكسرة. «والسمر» : «الواو» : حرف عطف ، «السمر» : اسم معطوف على مجرور ، مجرور مثله بالكسرة.
وجملة «يا ما أميلح» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «شدنّ» : في محلّ نصب صفة لـ «غزلانا».
والشاهد فيه قوله : «أميلح» : حيث صغر «أملح» وهو فعل التعجب وصغّر (هؤلاء) فقال (هؤليّاء).
١٩ ـ التخريج : البيت للشماخ في ملحق ديوانه ص ٤٥٦ ؛ وتذكرة النحاة ص ٦٨٧ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٢٨ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٩٦ ؛ وشرح المفصل ٨ / ١١٥ ؛ والكتاب ٤ / ٢٢٤ ؛ ومعجم ما استعجم ص ٧٦٠ ؛ وتاج العروس (سيخل) ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٣٥٦ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٢٥٦.
اللغة : الغارة : اسم للإغارة وهي الهجوم على العدو. سنجال : قرية من قرى ارمينية. منايا : ج منية وهي الموت. العاديات : مؤنث العادي وهو الباغي والمتجاوز الحد. آجال : جمع أجل ، وهو انقضاء مدة العمر.
المعنى : يخاطب الشاعر صديقيه ، ويقول : اسقياني قبل هذه الوقعة وقبل هذه المنايا المقدرة ، فرضا منه أنه ربما قتل فيها هو أو أحد أقربائه.
الإعراب : ألا يا : «ألا» : حرف استفتاح ، «يا» : حرف نداء تقوم مقام الفعل أدعو ، والمنادى محذوف ـ