الزبابة. والزبابة نوع من الفأرة وهي صمّاء. قال الشاعر [من مجزوء الكامل] :
٣٠٦ ـ وهم زباب حائر |
|
لا تسمع الآذان رعدا |
وإنّما حسن الحذف عندهم لقوّة الدلالة على الخبر المحذوف بالتفصيل.
وهذا لا حجّة فيه ، لأنّ الحذف لا يكون إلّا بعد وجود دليل على المحذوف كان الموضع موضع تفصيل أو لم يكن ؛ وإنّما ينبغي أن يحسن الحذف حيث يكون الخبر ظرفا أو مجرورا كما تقدم.
وأما حذف الاسم والخبر فلا يجوز إلا في «إنّ» ، نحو قول ابن الزبير : «إنّ ، وصاحبها» ، في جواب من قاله له : لعن الله ناقة حملتني إليك. وفي ذلك خلاف بين النحويين ، فمنهم من ذهب إلى أنّها بمعنى «نعم» ، كأنّه قال : نعم وراكبها. ومنهم من ذهب إلى أنّ الاسم والخبر محذوفان لفهم المعنى. وهذا أولى عندي ، لأنه قد تقرر أنها تنصب الاسم وترفع الخبر ، ولم يستقر فيها أن تكون بمعنى «نعم». فإن قيل : فحذف الجملة حتى لا يبقى منها إلّا حرف واحد وهو «إنّ» إخلال بها. فالجواب : إنّ العرب قد فعلت ذلك ،
______________________
٣٠٦ ـ التخريج : البيت للحارث بن حلزة في ديوانه ص ٤٦ ؛ ولسان العرب ١ / ٤٤٦ (زبب) ؛ وجمهرة اللغة ص ١٠٠٠ ، ١١٢٠ ؛ وتاج العروس ٣ / ٦ (زبب) ؛ وديوان الأدب ٣ / ٦٢ ؛ وتهذيب اللغة ١٣ / ١٧١ ؛ وأدب الكاتب ص ١٩٦ ؛ والأغاني ١١ / ٤٤ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ١١٣ ؛ وشعراء النصرانيّة ص ٤١٧ ؛ وعيون الأخبار ٢ / ١١٢ ؛ والمعاني الكبير ص ٦٥٦ ؛ ومعجم البلدان ٣ / ١٢٩ (الزباء) ؛ وسمط اللآلي ص ٥٠٤ ؛ وبلا نسبة في الحيوان ٤ / ٤١٠ ، ٥ / ٢٦٠.
اللغة : الزّباب : جنس من الفأر ، لا شعر عليه ، أصمّ ، يسرق كلّ ما يقدر عليه ، ويقال : «أسرق من زبابة» مثلا على شدة السرقة. الآذان : جمع أذن.
المعنى : يهجو قوما بأنهم غير مهتدين ، لا يسمعون الحقيقة ، كما لا تسمع آذان الزّباب الرعد.
الإعراب : وهم : «الواو» : حسب ما قبلها ، «هم» : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. زباب : خبر مرفوع بالضمّة. حائر : صفة (زباب) مرفوعة بالضمّة. لا تسمع : «لا» ، نافية ، «تسمع» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة. الآذان : فاعل (تسمع) مرفوع بالضمّة. رعدا : مفعول به منصوب بالفتحة.
وجملة «وهم زباب» : حسب ما قبلها. وجملة «لا تسمع» : في محلّ نصب حال ، أو في محلّ رفع صفة ثانية لـ (زباب).