والنصارى» ، معطوفات عليه ، وقوله : «من آمن منهم» ، جملة في موضع الخبر. وهذا الوجه حسن جدّا لأنّه ليس فيه أكثر من حذف خبر «إنّ» لفهم المعنى وقد تقدم مجيء ذلك في فصيح الكلام.
وقد يتصوّر فيه آخر وإن كان دون هذا الوجه في الجودة. وهو أن تجعل «الصابئون» مبتدأ و «النصارى» معطوفا عليه ، والخبر محذوف ، ويكون «من آمن منهم بالله» ، إلى آخره في موضع خبر «إنّ» ، ويكون في هذا الوجه تقديم المعطوف على ما عطف عليه ، لأن قوله : «والصابئون والنصارى» ، على هذا جملة معطوفة على الجملة من «إنّ» واسمها وخبرها ، كما يجوز تقديم المعطوف على المعطوف عليه في نحو :
جمعت وفحشا غيبة ونميمة |
|
.......... (١) |
فكذلك يجوز تقديمه على بعض المعطوف عليه إلّا أنّ هذا الوجه ضعيف لما فيه من الفصل بين اسم «إنّ» وخبرها.
هذا مذهب البصريين. وزعم الكسائي ومن أخذ بمذهبه من أهل الكوفة أن هذه الحروف تنقسم قسمين : قسم لا يجوز فيه إلّا العطف على اللفظ وهو «أنّ» و «كأنّ» ، و «ليت» و «لعلّ». تقول : «كأنّ زيدا وعمرا قائمان» ، و «كأنّ زيدا وبكرا ذاهبان».
ولا يجوز الرفع ، و «يعجبني أن زيدا وعمرا منطلقان» ، و «ليت زيدا وعبد الله خارجان» ، و «لعلّ عبد الله وبكرا ذاهبان» ، ولا يجوز في شيء من ذلك الرفع ، لأن هذه الحروف قد غيّرت معنى الابتداء وحكمه كما تقدم.
وقسم يجوز فيه العطف على اللفظ وعلى الموضع ، فتقول : «إنّ زيدا وعمرا قائمان» ، و «لكنّ زيدا وعمرا ذاهبان» ، وإن شئت رفعت «عمرا» قياسا على قولهم : «إنّك وعمرو ذاهبان» لأنّ «لكنّ» بمنزلة «إنّ» في أنّها لم تغيّر معنى الخبر كـ «ليت» ، ولا صيّرت الجملة بتقدير مفرد مثل «أنّ».
ومذهب الفراء كمذهب الكسائيّ في كلّ شيء إلّا أنّه لا يجوز عنده الرفع في العطف على اسم «إنّ» و «لكنّ» إلّا إذا لم يظهر الإعراب في الاسم ، لأنّه لم يسمع من كلامهم الرفع
______________________
(١) تقدم بالرقم ١٤٣.