في المعطوف إلا حيث لا يظهر الإعراب في المعطوف عليه ، وهو : «إنّك وعمرو ذاهبان».
والسبب في ذلك من طريق القياس أنّ الأول إذا لم يظهر فيه الإعراب سهل مخالفة الثاني المعطوف عليه له ، وإذا كان الأول معربا ظهر قبح المخالفة. وذلك عندنا باطل ، ظهر الإعراب أو لم يظهر ، وذلك أن الحمل على الموضع لا ينقاس إلا حيث يكون الموضع مجرورا ، نحو : «ليس زيد بقائم ولا قاعد». ألا ترى أن قولك : «بقائم» في موضع نصب بـ «ليس» ، والناصب هو «ليس» ولم يذهب. وإذا قلت : «إن زيدا قائم» ، المعنى : زيد قائم ، إلّا أن الرافع لزيد إنّما كان التعري وقد ذهب. وأيضا فإنّ الحمل على المعنى إنّما يكون بعد تمام الكلام ، فتقول مثلا : «إن زيدا قائم وعمرو» ، لأن معنى «إن زيدا قائم» : زيد قائم.
وأما «إنّ زيدا وعمرو قائمان» فلا ينبغي أن يجوز ، لأن «إن زيدا» لا معنى له ، فلا يتصور الحمل على المعنى قبل حصوله.
وينبغي أن تعلم أنك إذا عطفت على اسم «إنّ» وأخواتها فإنّه ينبغي أن يكون الخبر على حسب المعطوف والمعطوف عليه ، فتقول : «إن زيدا وعمرا قائمان» ، ولا يجوز : قائم ، إلّا حيث سمع ، وذلك نحو قوله [من الخفيف] :
إن شرخ الشباب والشعر الأسود |
|
ما لم يعاص كان جنونا (١) |
يريد : ما لم يعاصيا. وكذلك قول الآخر [من الوافر] :
٣١٣ ـ فمن يك سائلا عنّي فإنّي |
|
وجروة لا ترود ولا تعار |
______________________
(١) تقدم بالرقم ١٤٩.
٣١٣ ـ التخريج : البيت لشداد بن معاوية (والد عنترة) في الأغاني ١٧ / ١٣٩ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٥٧ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ٢١٦ ؛ والكتاب ١ / ٣٠٢ ؛ ولسان العرب ١٤ / ١٤٠ (جرا) ؛ ولعنترة أو لوالده في ديوان عنترة ص ٣٠٩ ؛ ولزيد الخيل في ديوانه ص ١٠٤ ؛ وبلا نسبة في شرح أبيات سيبويه ١ / ٤٩٤.
اللغة : ترود : تذهب وتجيء. جروة : اسم فرس الشاعر. تعار : تطلب للتداول.
المعنى : أقول لمن يسأل عني : أنا وفرسي (جروة) لا نذهب ولا نجيء طلبا للمأكل ، ولا نرتهن لأحد يطلبنا استعارة حين يشاء. ـ