«زيد» و «عمرو» إذ لا يتصوّر أن يكون «كالأخوين» خبرا لـ «زيد» وحده.
فإن عطفت على الاسم بعد الخبر ، فلا يخلو أن تعطف على اسم «إنّ» و «لكنّ» أو على اسم غيرهما من أخواتهما ، فإن عطفت على اسم «إنّ» و «لكنّ» فإنّه يجوز في العطف عند أهل الكوفة وطائفة من أهل البصرة وجهان : النصب عطفا على اللفظ ، والرفع عطفا على الموضع ، فتقول : «إن زيدا قائم وعمرا» على لفظ «زيد» ، و «عمرو» ، على موضع «زيد» ، لأنّ «إنّ زيدا قائم» ، في معنى : زيد قائم ، فكما تقول : «زيد قائم وعمرو» ، فكذلك يجوز : «إن زيدا قائم وعمرو» ، فيكون ذلك عندهم نظير : «ليس زيد بقائم ولا قاعدا» ، عطفا على موضع «قائم» ، فكأنّك قلت : «ليس زيد قائما ولا قاعدا».
وقد يجوز أن ترفع على أن يكون الاسم مبتدأ ، والخبر محذوف لدلالة ما قبله عليه ، كأنّه من الأصل : «زيد قائم وعمرو قائم» ، فحذف «قائم» من الثاني لدلالة «قائم» الأول عليه.
وقد يجوز أيضا الرفع عطفا على الضمير الذي في الخبر إن كان الخبر مما يتحمل الضمير ولا بد من تأكيد الضمير أو طول يقوم مقامه ، فتقول إذ ذاك : «إن زيدا قائم هو وعمرو» ، و «إنّ زيدا قائم في الدار وعمرو» ، ولا يجوز العطف من غير تأكيد ولا طول ، إلا في الضرائر.
وأما المحقّقون من أهل البصرة ، فأنّهم يجيزون جميع ذلك إلا العطف على الموضع ، فإنّه لا ينقاس عندهم إلا حيث يكون له مجوّز ، وذلك نحو : «ليس زيد بقائم ولا قاعدا» ، ألا ترى أن قوله : «بقائم» في موضع نصب كأنه قال : «ليس زيد قائما» ، فالذي يطلب النصب باق وهو «ليس» ؛ وأما إذا قلت : «إنّ زيدا قائم» ، فإنّ الرافع لزيد ، وهو التعرّي ، قد زال ولم يبق للرفع مجوّز ، فلذلك لم يجز العطف عندهم على الموضع هنا بقياس ، بل بابه أن يجيء في الشعر ، وإن جاء في الكلام فنادر بحيث لا يقاس عليه.
فممّا جاء من العطف على الموضع من غير مجوّز في الشعر قوله [من البسيط] :
٣١٦ ـ إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا |
|
أو تنزلون فإنّا معشر نزل |
______________________
٣١٦ ـ التخريج : البيت للأعشى في ديوانه ص ١١٣ ؛ وخزانة الأدب ٨ / ٣٩٤ ، ٥٥٢ ، ٥٥٣ ؛ والدرر ٥ / ٨٠ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٦٥ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٧٦ ؛ والكتاب ٣ / ٥١ ؛ والمحتسب ـ