مبتدأ وسدّ الطول مسدّ الخبر. وأمّا غير سيبويه فـ «أنّ» عنده لم تباشر لو في التقدير بل الذي باشرها في التقدير الفعل ، وأنّ ما بعدها في موضع فاعل ، فيكون على هذا في موضع المفرد فلا يكون في ذلك كسر للقانون.
إلّا أنّ الصحيح مذهب سيبويه ، وذلك أنّك أيّ المذهبين ارتكبت كان فيه خروج لـ «لو» عمّا استقرّ فيها في غير هذا الموضع ، ألا ترى أنّها أبدا لا يليها إلا الفعل ظاهرا ولا يليها مضمرا إلّا في ضرورة شعر. فإذا جعلت «أن» مع معمولها في موضع مبتدأ ولي «لو» الاسم لفظا وتقديرا ، وليس ذلك بجائز فيها في غير هذا الموضع. وإذا جعلت «أنّ» وما بعدها في موضع فاعل بفعل مضمر كان في ذلك أيضا خروج عما استقر فيها لأنّها يضمر بعدها الفعل في فصيح الكلام وقد تقدم أنّ ذلك لا يجوز إلّا في الضرورة.
وإذا كان كل واحد من المذهبين يؤدّي إلى الخروج عن الظاهر فلا فائدة في تكلّف الإضمار.
وضبط ذلك مفصّلا أن تقول : إن لها ثلاثة مواضع : موضع لا تكون فيه إلّا مكسورة ، وموضع لا تكون فيه إلّا مفتوحة ، وموضع يجوز فيه فتحها وكسرها.
فالموضع الذي تكسر فيه : إذا وقعت مبتدأ ، نحو : «إن زيدا قائم». وإذا كان في خبرها اللام ، نحو : «علمت إنّ زيدا لقائم» ، وبعد واو الحال ، نحو : «جاء زيد وإنّ يده على رأسه» وبعد «حتى» ، نحو : «مرض حتى إن الطير لترحمه». وبعد «ألا» التي للاستفتاح ، نحو : «ألا إن زيدا لقائم». وبعد القول المجرد من معنى الظن.
واختلف فيها إذا وقعت بعد القسم ، نحو : «والله أنّ زيدا قائم» ، فمنهم من لم يجز إلا الفتح ، ومنهم من أجاز الفتح والكسر ، واختار الفتح ، ومنهم من أجازهما واختار الكسر. ومنهم من لم يجز إلا الكسر ، وهو الصحيح ، لأن جواب القسم إنّما هو جملة ، وتتعاقب فيه الجملة الفعلية والاسمية ، فينبغي أن تكون «إنّ» فيه مكسورة كما تكون إذا وقعت صدر الكلام ، وعلى ذلك هو السماع ، قال الله تعالى : (يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ* إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (١).
والذي فتحها توهم أن كونها جوابا يخرجها عن الصدرية ، وذلك فاسد لما ذكرنا من
______________________
(١) يس : ١ ـ ٣.