في القسم ، على خلاف أيضا في ذلك ، هل هي حرف جر أو بقية «ايمن» ، وسنبيّن ذلك أيضا عند الفراغ من حصر الحروف.
فهذا جملة ما جاء منها على حرفين.
والذي جاء منها على أزيد من حرفين : على ، وإلى ، وحتّى ، وحاشا ، وخلا ، وعدا ، وربّ ، ومنذ ، ولو لا مع المضمر في مذهب سيبويه. وزاد بعض النحويين فيها لعلّ مكسورة اللام ومفتوحتها. وسنبيّن ما استدلوا به على ذلك إن شاء الله تعالى.
والذي ذهب إلى أن الميم من «م الله» و «م الله» بقية ايمن استدلّ على ذلك أنّ «ايمن» اسم معرب قد غيّرته العرب ضروبا من التغيير ، فقالوا : «أيمن الله» ، و «إيمن الله» ، و «أيم الله» ، و «إيم الله» ، فيمكن أن يكون قولهم : «م الله» و «م الله» من جملة التغييرات. والذي ذهب إلى أنها حرف جر استدلّ على ذلك أنّ «ايمن» اسم معرب والاسم المعرب لا يجوز حذفه حتى يبقى على حرف واحد إلّا شاذّا ، بل لا يحفظ من ذلك إلا ما حكاه ابن مقسم : «شربت ما» ، يريد : ماء ، فبطل أن تكون الميم اسما ، وأيضا فإن الاسم في القسم إذا حذف منه حرف الجر ولم يعوّض منه شيء لم يجز فيه إلا الرفع أو النصب ، نحو : «يمين الله لأفعلنّ» ، برفع «يمين الله» ونصبه ؛ وأما الخفض فلا يجوز لأنّ إضمار الخافض وإبقاء عمله لا يجوز إلا في ضرورة شعر ، أو نادر كلام على ما يبيّن بعد.
فقولهم : «م الله» ، بكسر الميم دليل على أنّه حرف إذ لو كان اسما لكان مرفوعا أو منصوبا. فإن قيل : فلعله مبنيّ على الكسر وهو في موضع رفع أو نصب. فالجواب : إنّ «أيمنا» معرب ، والمعرب إذا حذف بقي معربا ، فلو كانت الميم بقية «ايمن» لكانت معربة ، وإذا ثبت أنّ الميم المكسورة حرف خفض ، فكذلك المضمومة لأنها بمعنى المكسورة.
والذي ذهب إلى أنّ «بل» قد يجعل بدلا من «رب» كالفاء والواو استدل على ذلك بقوله [من الرجز] :
٣٢٣ ـ بل بلد ملء الفجاج قتمه |
|
[لا يشترى كتّانه وجهرمه] |
______________________
٣٢٣ ـ التخريج : الرجز لرؤبة في ديوانه ص ١٥٠ ؛ والدرر ١ / ١١٤ ، ٤ / ١٩٤ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٧٦ ، ٤٣١ ، ٤٤٠ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ٣٤٧ ؛ ولسان العرب ١١ / ٦٥٤ (ندل) ، ١٢ / ١١١ (جهرم) ؛ والمقاصد النحويّة ٣ / ٣٣٥ ؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص ٢٢٥ ؛ وجواهر الأدب ـ