أهل الكوفة أن «ربّ» تكون اسما ، واستدلّوا على ذلك بقول الشاعر [من الكامل] :
٣٣٤ ـ إن يقتلوك فإنّ قتلك لم يكن |
|
عارا عليك وربّ قتل عار |
فرفع «عار» على أنه خبر «ربّ» ، و «ربّ» مبتدأ. وهذا لا حجة فيه ، لأن الرواية الصحيحة : «وبعض قتل عار» ، وإن صحت رواية من روى : «وربّ قتل عار» ، لم يكن فيه حجة ، لأن «عار» يكون خبر ابتداء مضمر ، كأنه قال : هو عار. والجملة في موضع الصفة. ومما يدلّ على أن «عارا» في هذه الرواية إنّما ينبغي أن يحمل على ما ذكرناه أنّك لو جعلت «عارا» خبر «ربّ» لم يجز إبقاء المخفوض بـ «ربّ» بغير صفة ، وذلك لا يجوز لما يبيّن عند ذكر أحكام «ربّ».
وزعم أبو الحسن الأخفش أن الكاف تكون اسما في فصيح الكلام ، وذلك عندنا باطل ، ولا يجوز أن تكون اسما إلا في ضرورة شعر بدليل السماع والقياس.
أما السماع فلأنه لا يحفظ أن الكاف قد جاءت في نثر موجودا فيها أحكام الأسماء ،
______________________
٣٣٤ ـ التخريج : البيت لثابت بن قطنة في ديوانه ص ٤٩ ؛ والحماسة الشجريّة ١ / ٣٣٠ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٥٦٥ ، ٥٧٦ ، ٥٧٧ ؛ والدرر ٢ / ١٢ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ٨٩ ، ٣٩٣ ؛ والشعر والشعراء ٢ / ٦٣٥ ؛ وبلا نسبة في الأزهيّة ص ٢٦٠ ؛ وتخليص الشواهد ص ١٦٠ ؛ والجنى الداني ص ٤٣٩ ؛ وجواهر الأدب ص ٢٠٥ ، ٣٦٥ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٧٩ ؛ وشرح التصريح ٢ / ١١٢ ؛ والمقتضب ٣ / ٦٦ ؛ والمقرب ١ / ٢٢٠ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٩٧ ، ٢ / ٢٥.
المعنى : لم ينتقص مقتلك من مقامك ، ولم يسبب لك ما تذمّ بسببه ، وبعض الميتات تسبب العار والمذمّة لصاحبها.
الإعراب : إن يقتلوك : «إن» : حرف شرط جازم ، «يقتلوك» : فعل مضارع مجزوم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ، و «الواو» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، و «الكاف» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به. فإن : «الفاء» : واقعة في جواب الشرط ، «إنّ» : حرف مشبّه بالفعل. قتلك : اسم (إن) منصوب بالفتحة ، و «الكاف» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. لم يكن : «لم» : حرف جزم ونفي وقلب ، «يكن» : فعل مضارع ناقص مجزوم ، و «اسمه» : ضمير مستتر تقديره (هو). عارا : خبر (يكن) منصوب بالفتحة. عليك : جار ومجرور متعلّقان بالخبر (عارا). ورب : «الواو» : استئنافية ، «ربّ» : حرف جرّ شبيه بالزائد. قتل : مبتدأ مرفوع محلّا ، مجرور لفظا بـ (ربّ). عار : خبر (قتل) مرفوع بالضمّة.
وجملة «إن يقتلوك فإنّ قتلك لم يكن» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «يقتلوك» جملة الشرط غير الظرفي لا محل لها. وجملة «إن قتلك ...» : في محل جزم جواب الشرط. وجملة «لم يكن ...» : في محلّ رفع خبر (إنّ). وجملة «رب قتل عار» : استئنافية لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله : «ربّ قتل عار» حيث زعم الكوفيون أنّ «ربّ» اسم ، وهو مبتدأ ، و «عار» خبر المبتدأ.