فأما من ذهب إلى أنّها عوض من التنوين فمذهبه فاسد ، لثباتها مع الألف واللام. وأما من ذهب إلى أنها عوض من الحركة فمذهبه فاسد ، لسقوطها في الإضافة. وأما من ذهب إلى أنّها عوض من الحركة والتنوين فمذهبه فاسد ، لأن ذلك يؤدي إلى التناقض ، لأنه يلزم إثباتها في الإضافة من حيث هي عوض من الحركة وحذفها من حيث هي عوض من التنوين ، وكذلك يلزم مع الألف واللام.
وأما من ذهب إلى أنّها عوض من الحركة مع الألف واللام وعوض من التنوين مع الإضافة فمذهبه فاسد ، لأنّ الاسم لا ينون في حال إضافته ولا حال تعريفه ، وأما من ذهب إلى أنّها عوض من تنوينين فصاعدا ، فمذهبه فاسد ، لأنه لا يجوز أن يعوض حرف من حرفين فأكثر ، وأيضا فإنّه لا نظير له في كلامهم.
وأما من ذهب إلى أنها فارقة بين رفع الاثنين ونصب الواحد ، فيدل على فساد مذهبه لحاقها في الجمع مع أن الجمع ليس من باب التثنية فيحمل عليه. وأيضا فإن حال الوقف عارض لا ينبغي أن يلتفت إليه ، وأيضا فإنّه لا وجه له على هذا المذهب لحذفها للإضافة.
فإذا بطلت هذه المذاهب ، لم يبق إلّا أن تكون زيدت في الآخر ليظهر فيها حكم الحركة تارة وحكم التنوين أخرى ، فأثبتت مع الألف واللام كالحركة ولم تحذف لبعدها من موجب الحذف وهو الألف واللام ، وحذفت مع الإضافة لمجاورتها لموجب الحذف وهو الاسم المضاف إليه ، لحلوله محل التنوين.
فإن سأل سائل : هل العقود نحو «عشرين» و «ثلاثين» من قبيل جموع السلامة أو من قبيل أسماء الجموع ، نحو : قوم وإبل ، أو من قبيل جموع التكسير نحو رجال؟ فالجواب : إنّها من أسماء الجموع. فإن قيل : وما المانع أن تكون جموع سلامة وهي على صورتها ، أعني كونها في آخرها واو ونون في الرفع ، وياء ونون في النصب والخفض؟ فالجواب : إن الذي منع من ذلك شيئان : أحدهما أنها لم تستوف شروط جمع السلامة ، ألا ترى أنّها قد تقع على غير العاقل وعلى المؤنث وأن الزيادتين لم تلحقا اسما علما ولا صفة؟ والآخر : أن ثلاثين لو قدرناه جمع سلامة لم يخل أن يكون واحده ثلاثا أو ثلاثة ، وكلاهما لا ينبغي أن يجمع بالواو والنون ، لأن العدد كله مؤنث كانت فيه علامة أو لم تكن ، والمؤنث لا يجمع بالواو والنون. وأيضا فإنّه لو كان جمع «ثلاث» لكان أقل ما يطلق عليه تسعون أو تسعة ، لأن أقل ما يطلق عليه الجمع ثلاث فلو كان «ثلاثون» جمع «ثلاث» لأعطي ثلاثا ثلاث مرات فإن عنى بالثلاث آحادا كانت تسعة وإن عنى بالثلاث عشرات كانت تسعين.