وبالجملة فإنه يكفينا التمسك بامتثال الأمر المتفق على كونه يقتضي الاجزاء ، وذلك فإنه إذا قال الشارع «صل بعد الطهارة مستقبل القبلة مستترا بثوب طاهر» مثلا فامتثل المكلف ذلك فلا ريب في صحة صلاته لما ذكرناه ، والحكم ببطلان عبادته لو كان المكان أو الثوب مغصوبا يحتاج الى دليل حيث ان العبادة صحة وبطلانا وزيادة ونقصانا وكمية وكيفية توقيفية والشارع لم يذكر في ما اشترطه من شروط الصلاة إباحة مكانه ولا ثوبه ، والدليل عندنا منحصر في الكتاب والسنة دون هذه التخريجات الفكرية التي يزعمونها أدلة عقلية مع اختلاف العقول فيها نقضا وإبراما كما في هذه المسألة وغيرها وقد حققنا في مقدمات الكتاب عدم جواز الاعتماد على الأدلة العقلية بل عدم وجودها بالكلية.
إلا انه قد ورد هنا بعض الاخبار مما يتسارع الى الفهم منها الدلالة على القول المشهور مثل ما رواه شيخنا المجلسي (قدسسره) في كتاب البحار (١) عن كتاب تحف العقول للحسن بن علي بن شعبة وكتاب بشارة المصطفى للطبري عن أمير المؤمنين (عليهالسلام) في وصيته لكميل «يا كميل انظر في ما تصلي وعلى ما تصلي ان لم يكن من وجهه وحله فلا قبول». وقريب منه ما رواه الصدوق مرسلا والكليني مسندا عن الصادق (عليهالسلام) (٢) قال : «لو ان الناس أخذوا ما أمرهم الله به فأنفقوه في ما نهاهم عنه ما قبله منهم ولو أخذوا ما نهاهم الله عنه فأنفقوه في ما أمرهم الله به ما قبله منهم حتى يأخذوه من حق وينفقوه في حق». وما ربما يقال ـ من ان عدم القبول انما هو بمعنى عدم ترتب الثواب ولا ينافي الصحة ـ فقد أبطلناه في جملة من زيرنا ولا سيما كتاب الدرر النجفية إلا ان باب التأويل فيهما غير منغلق.
وبالجملة فالمسألة لا تخلو من شوب الاشكال والاحتياط فيها مطلوب لا ينبغي تركه على كل حال فان كلام الفضل لا يخلو من قوة كما عرفت في هذا المجال. والله العالم.
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ٢ من مكان المصلي.