(صلوات الله عليهم آناء الليل والنهار) ان ما ذكره الشيخ في المبسوط هو الأقرب الى ما دلت عليه والأنسب بما ندبت اليه ، وما ذكره غيره من اشتراط صيغة الوقف فلم أقف على خبر يشير اليه فضلا عن الدلالة عليه بل هي بالدلالة على خلافه أشبه.
فمن ذلك ما تقدم في صدر البحث من حسنتي ابي عبيدة الدالتين على جمعه الأحجار في الطريق بين المدينة ومكة ليبنى مسجدا ، ومنهما يظهر ان ما ذكره شيخنا المشار اليه من قوله : «ولو بناه بنية المسجد لم يصر مسجدا. إلخ» (١) فإن الإمامين (عليهماالسلام) في هذين الخبرين قد اقرأ أبا عبيدة على حصول الثواب المذكور له بمجرد وضع هذه الأحجار لذلك وجعلها على هيئة المسجد والتحجير بها وقصده المسجدية
ومنها ـ ما رواه البرقي في كتاب المحاسن عن هاشم الحلال قال : «دخلت انا وأبو الصباح الكناني. الحديث». وقد تقدم أيضا في صدر البحث.
ومنها ـ صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة ثمة أيضا في بناء مسجد الرسول (صلىاللهعليهوآله) حيث لم يتعرض لحكاية الوقف في أصل المسجد ولا في هذه الزيادات في كل مرة ، ولو كان ذلك شرطا في المسجدية لكان أولى بالحكاية والنقل من تلك الأمور المنقولة لما يترتب عليها من الأحكام بزعم أولئك الاعلام.
وقد ورد في بعض الاخبار التي لا يحضرني الآن موضعها (٢) انه (صلىاللهعليهوآله) بعد وروده المدينة اشترى تلك الأرض أو أعطاه إياها بعض المسلمين فخط فيها بيوته وموضع مسجده.
وتقييد إطلاق هذه الاخبار بصيغة الوقف بمعنى انه لا يكون مسجدا إلا بقول «وقفت» ونحوه يحتاج الى دليل وليس فليس ، بل هو أبعد بعيد من ظواهر تلك الاخبار ويشير الى ما ذكرنا قوله (عليهالسلام) في غير خبر من الاخبار المتقدمة «فإنها لغير
__________________
(١) هكذا العبارة في النسخ ولا يخفى نقصها.
(٢) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٧٠ كانت ارض المسجد ليتيمين فابتاعها رسول الله «ص» بعشرة دنانير.