بذلك المحل المعين فيجب الاقتصار عليه. نعم لو تعذر صرفه فيه أو علم استغناؤه عنه في الحال والمآل أمكن القول بجواز صرفه في غيره من المساجد والمشاهد بل لا يبعد صرفه في مطلق القرب لان ذلك اولى من بقائه الى ان يعرض له التلف فيكون صرفه في هذا الوجه إحسانا و «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» (١) انتهى.
أقول : لم أقف في هذا المقام على شيء من الاخبار الظاهرة في تنقيح الكلام وقطع مادة النقض والإبرام سوى أخبار الإهداء والنذر والوصية إلى الكعبة الشريفة وسيجيء الكلام فيها ان شاء الله تعالى في كتاب الحج :
ومنها ـ رواية ياسين الضرير (٢) «في رجل اوصى بألف درهم للكعبة فسأل أبا جعفر (عليهالسلام) فقال ان الكعبة غنية عن هذا انظر الى من أم هذا البيت فقطع به أو ذهبت نفقته أو ضلت راحلته أو عجز ان يرجع الى أهله فادفعها إلى هؤلاء.».
وبمضمونه أخبار عديدة يأتي ذكرها ان شاء الله تعالى في الموضع المشار اليه ، والظاهر ان الحكم في المشاهد والكعبة واحد.
ومقتضى الأخبار المذكورة ان الواجب صرفه في تعمير المشهد والكعبة إذا احتيج الى ذلك وإلا فإنه يصرف في معونة الحجاج والزوار لذلك المشهد ، وبذلك صرح السيد المشار إليه في كتاب النذر من شرح النافع فقال : ولو نذر شيء لأحد المشاهد المشرفة صرف فيه على حسب ما قصده الناذر ومع الإطلاق يصرف في مصالح المشهد ، ولو استغنى المشهد عنه في الحال والمآل فالظاهر صرفه في معونة الزوار لان ذلك اولى من بقائه على حاله معرضا للتلف فيكون صرفه على هذا الوجه إحسانا و «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» (٣) انتهى. وبذلك ايضا صرح جده (قدسسره) في كتاب النذر من المسالك. ومن ذلك يظهر ما في قوله هنا «انه مع تعذر صرفه في ذلك المشهد يجوز
__________________
(١ و ٣) سورة التوبة ، الآية ٩٢.
(٢) الوسائل الباب ٢٢ من مقدمات الطواف.