أقول : وعندي في هذا الحكم إشكال لأن المتبادر من الاخبار ان ستر العورة الواجب في الصلاة انما هو عبارة عن وضع شيء عليها بحيث يحول بين الناظر إليها وبين رؤيتها ، ويؤيده الاختلاف في ستر الحجم والاتفاق على مجرد ستر اللون ، وهذا هو المتبادر من الساتر في الاخبار وفي كلامهم ، لا انه عبارة عن وضع الإنسان نفسه في مكان متسع لا يراه أحد وان كانت عورته مكشوفة ، وإلا لصحت صلاة من صلى عاريا في دار مغلقة عليه أو بيت مظلم لا يراه أحد والظاهر انه لا خلاف في عدم جواز ذلك ، ولا ريب أن الحفيرة المشتملة على الخلأ بحيث يركع ويسجد ويجلس فيها من قبيل ما ذكرناه وان تفاوت الاتساع قلة وكثرة. واما قول المحقق (قدسسره) في ما تقدم من كلامه ـ : لنا ان الستر بذلك يحصل المنع عن المشاهدة ولا نسلم ان التصاق الساتر شرط ـ ففيه انه لو تم لجاز الصلاة في البيت المغلق والظلام كما ذكرناه لصدق ما ذكره على ذلك. وكأنه اعتمد على هذا التعليل الواهي لضعف الرواية عنده فجعلها مؤيدة دون ان تكون دليلا وفيه ما عرفت ، على ان من الظاهر انه لو جلس أحد على رأس هذه الحفيرة في قبلة المصلي لرأي قبله البتة للخلإ الذي يركع ويسجد فيه ، نعم لو كانت الحفيرة ضيقة على وجه تلتصق بالبدن بحيث يقف فيها ويومي إيماء أمكن ستر العورة بذلك ، ولعل ذلك مراد الشيخ (قدسسره) ولذا لم يذكر الركوع والسجود في الحفيرة.
وقد نقل ابن فهد في كتاب الموجز قولا بأن الصلاة في الحفيرة بالإيماء وهذا القول هو الأنسب بما ذكرنا ، ولعل قائله نظر الى ما قلناه.
إلا ان الاشكال في الخبر المذكور ، وبالجملة فإني لا اعرف للعمل بالخبر المذكور وجها مع مخالفته للقواعد المستفادة من الأخبار إلا ان يكون هذا الموضع مستثنى من وجوب ستر العورة في الصلاة. والله سبحانه وقائله أعلم بحقيقة الحال. ولم أر من تنبه لما ذكرناه من أصحابنا (رضوان الله عليهم) على ان في الخبر المذكور أيضا إشكالا آخر لم أر من تنبه له ولا نبه عليه ، فان ظاهره انه مع تعذر الثوب وحصول الحفيرة فإنه يصلي في الحفيرة على