المسألة والاستدلال على الجواز بصحيحتي علي بن يقطين والحلبي وصحيحة جميل ونقل كلام المحقق في المعتبر ما صورته : والمسألة قوية الإشكال من حيث صحة اخبار الجواز واستفاضتها واشتهار القول بالمنع بين الأصحاب بل إجماعهم عليه بحسب الظاهر وان كان ما ذكره في المعتبر لا يخلو من قرب. انتهى.
أقول : لما كان نظر المتصلبين من أصحاب هذا الاصطلاح الذي هو الى الفساد أقرب منه الى الصلاح انما هو الى الأسانيد من غير تأمل في متون الاخبار وكونها موافقة للقواعد الشرعية أم لا وموافقة لفتاوى الأصحاب أم لا ونحو ذلك من العلل المتطرقة إليها وقعوا في ما وقعوا فيه من هذه الإشكالات والترددات ، والمسألة بحمد الله سبحانه واضحة السبيل مكشوفة الدليل ، فان مقتضى القاعدة المنصوصة عن أصحاب العصمة (عليهمالسلام) بعرض الاخبار عند الاختلاف على مذهب العامة والأخذ بخلافه هو العمل باخبار المنع المؤيدة باتفاق الأصحاب عليها سلفا وخلفا ، وهاتان الروايتان أعني صحيحتي ابن يقطين والحلبي قد دلتا على جواز الصلاة في جميع الجلود مما لا يؤكل لحمه لا بخصوص الأشياء المعدودة فيهما لقوله في إحداهما «وجميع الجلود» وفي الأخرى «وأشباهه» وهذا عين ما اتفقت عليه العامة (١) وخلاف ما اتفقت عليه الإمامية فأي أمر أظهر في الحمل على التقية من ذلك؟ ولكنهم حيث الغوا القواعد المروية عن أئمتهم (عليهمالسلام) واعتمدوا على افكارهم وأنظارهم بل اخترعوا لهم في مقابلتها قواعد لم يرد بها نص ولا اثر عنهم (عليهمالسلام) وقعوا في ما وقعوا فيه من أمثال هذا الكلام المنحل الزمام والمختل النظام. والى ما ذكرنا يشير كلام شيخنا في الذكرى حيث قال بعد نقل كلام المعتبر المتقدم الدال على اختياره الجواز : قلت هذان الخبران مصرحان بالتقية لقوله في الأول «وأشباهه» وفي الثاني «وجميع الجلود» وهذا العموم لا يقوله الأصحاب (رضوان الله عليهم). وبالجملة فإن الحكم بالنظر الى ما ذكرناه
__________________
(١) المغني ج ١ ص ٦٨.