«ان النبي (صلىاللهعليهوآله) نهى عن الحرير إلا في موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع». ومن طريق الأصحاب بما رواه جراح المدائني عن ابي عبد الله (عليهالسلام) (١) «انه كان يكره ان يلبس القميص المكفوف بالديباج».
وأنت خبير بان الاستدلال بهذه الرواية مبني على كون الكراهة في أخبارهم (عليهمالسلام) بهذا المعنى المصطلح عليه ، وهو ليس بظاهر فان استعمالها في التحريم أكثر كثير فيها ، والحق كما حققناه في ما تقدم ان هذا اللفظ من الألفاظ المتشابهة التي لا تحمل على أحد المعنيين إلا مع القرينة ، على ان الرواية المذكورة معارضة بما دل على تحريم لبس الحرير مطلقا وعدم جواز الصلاة في حرير محض.
واما بالنسبة الى ما عدا ذلك فتدل عليه رواية يوسف بن إبراهيم عن ابي عبد الله (عليهالسلام) (٢) قال : «لا بأس بالثوب ان يكون سداه وزره وعلمه حريرا وانما كره الحرير المبهم للرجال». وهي كما ترى دالة على استثناء الزر والعلم ـ كسبب ـ ما يجعل في الثوب علامة كطراز وغيره نص عليه في المصباح المنير. ويعضد ذلك ما تقدم من الاخبار الدالة على جواز الصلاة في الثوب الذي حشوه قز.
والاحتياط في الاجتناب في الجميع لما يظهر من الصحيحتين المتقدمتين من النهى عن الصلاة في الحرير المحض وعمومهما شامل لهذه الأشياء المذكورة. وكون ذلك جوابا عن شيء مخصوص لا يوجب التخصيص لما تقرر من ان خصوص السؤال لا يوجب تخصيص عموم الجواب بل الجواب باق على عمومه. مع احتمال حمل الأخبار المذكورة كملا على التقية ، ويؤيده ما ورد في موثقة عمار عن ابي عبد الله (عليهالسلام) (٣) قال : «سألته عن الثوب الذي يكون علمه ديباجا قال لا يصلى فيه». وهي ظاهرة في معارضة الرواية المذكورة بالنسبة إلى العلم ، وحملها في الذكرى على الكراهة. وفيه ما عرفت في
__________________
(١ و ٣) الوسائل الباب ١١ من لباس المصلي.
(٢) الوسائل الباب ١٣ من لباس المصلي.