وربما يقال : انه إذا كان الأمر مبنيا في الرؤية على اليقين من رؤية الإنسان نفسه أو حصول الشياع المفيد للعلم فمن المعلوم ان هذا لا يحصل من شهادة العدلين سواء قلنا ان اعتبارها لإفادتها الظن أو لكونها سببا في الحكم.
لأنا نقول : يمكن أن يقال ان شهادة العدلين إنما يصار إليها مع تعذر الرؤية القطعية المشار إليها في تلك الأخبار ، فهي غير داخلة في ما دلت عليه تلك الاخبار
ويشير الى ذلك قوله عليهالسلام في صحيحة الخزاز المتقدمة (١) : «وإذا كانت في السماء علة قبلت شهادة رجلين. الحديث».
ومثلها رواية حبيب الخزاعي عن ابى عبد الله عليهالسلام (٢) وفيها «وانما تجوز شهادة رجلين إذا كانا من خارج المصر وكان بالمصر علة فأخبرا أنهما رأياه».
ومطلق الأخبار في ذلك يحمل عليهما.
ويمكن أن يقال أيضا في المقام ـ وان كان خلاف ما هو المشهور في كلام علمائنا الاعلام إلا انه معتضد باخبار أهل الذكر (عليهمالسلام) ـ ان شهادة العدلين تفيد العلم أيضا ، فإن العلم لا يتقيد بحد ولا ينحصر في مقدار معين بل هو من ما يقبل الشدة والضعف كما أوضحنا ذلك في محل أليق ، فقد يحصل العلم في بعض المقامات من اخبار الأطفال فضلا عن كمل الرجال.
وان أبيت ذلك لكونه غير مشهور ونفرت منه لكونه في كتب القوم غير مذكور فلنا أن نقول ان الشارع قد أجرى شهادة العدلين مجرى ما يفيد العلم والقطع بل اجرى خبر العدل الواحد مجرى ذلك كما يستفاد من جملة من الاخبار :
منها ـ صحيحة هشام بن الحكم الواردة في عدم انعزال الوكيل قبل العلم بالعزل (٣) قال عليهالسلام : «والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه أو يشافه العزل».
فانظر الى جعله خبر الثقة قرينا للمشافهة وفي سياقها المؤذن بإفادته العلم كما
__________________
(١) ص ٢٤٦.
(٢) الوسائل الباب ١١ من أحكام شهر رمضان.
(٣) تقدمت ص ٩٦ والراوي هشام بن سالم.