صم لربك فصام فوافق يوم ثلاثة عشر من الشهر فذهب ثلث السواد ، ثم نودي يوم الرابع عشر ان صم لربك اليوم فصام فذهب ثلثا السواد ، ثم نودي يوم خمسة عشر بالصيام فصام فأصبح وقد ذهب السواد كله ، فسميت أيام البيض للذي رد الله (عزوجل) فيه على آدم بياضه. ثم نادى مناد من السماء يا آدم هذه الثلاثة الأيام جعلتها لك ولولدك فمن صامها في كل شهر فكأنما صام الدهر».
ثم قال الصدوق (قدسسره) بعد ان أورد هذا الخبر : قال مصنف هذا الكتاب هذا الخبر صحيح ولكن الله تبارك وتعالى فوض الى نبيه محمد صلىاللهعليهوآله أمر دينه فقال عزوجل (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (١) فسن رسول الله صلىاللهعليهوآله مكان أيام البيض خميسا في أول الشهر وأربعاء في وسط الشهر وخميسا في آخر الشهر وذلك صوم السنة من صامها كان كمن صام الدهر لقول الله عزوجل (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (٢) وإنما ذكرت الحديث لما فيه من ذكر العلة وليعلم السبب في ذلك لان الناس أكثرهم يقولون ان أيام البيض إنما سميت بيضا لأن لياليها مقمرة من أولها إلى آخرها (٣) انتهى كلامه زيد مقامه.
ومقتضاه ان صوم هذه الأيام كان أولا فنسخ بصوم الخميسين بينهما أربعاء ، وهو الظاهر من قوله عليهالسلام في صحيحة محمد بن مسلم أو حسنته المتقدمة (٤) بعد ان ذكر صومه صلىاللهعليهوآله صوم داود عليهالسلام «ثم ترك ذلك وصام الثلاثة الأيام الغر ثم ترك ذلك وفرقها في كل عشرة يوما. الحديث». فان المراد بالأيام الغر هي أيام هذه الليالي ، ووصفها بذلك باعتبار لياليها لأن اليوم يطلق على ما يشمل النهار والليل.
وأنت خبير بان ما ذكره شيخنا الصدوق من ان هذا الخبر صحيح مع كونه
__________________
(١) سورة الحشر الآية ٨.
(٢) سورة الأنعام الآية ١٦٢.
(٣) المغني ج ٣ ص ١٧٨.
(٤) ص ٣٤٨.